adsense

2019/12/10 - 9:26 م

مرت من خلال شاشة المشهد السياسي المغربي عبر تاريخه شخصيات قيادية كثيرة، غريبة الأطوار وملتوية الطباع، تقلب الأمور من اليمين إلى اليسار، ومن النقيض إلى النقيض مع سبق إصرار وترصد ودون رادع ولا خجل.
لن تعدم الأدلة والبراهين لتصل إلى حقيقة مفادها أن مجد السياسي قد يتحقق بالكذب والتلفيق والتلون والاستخفاف بعقول البسطاء وآمالهم.
فهل أصبح الكذب لونا من ألوان السياسة لا يستطيع السياسي الاستغناء عنه؟ وهل أصبح تعدد الوجوه والخطاب بأكثر من لسان ومقابلة كل فئة بوجه من متطلبات السياسة؟.
لا وألف لا، فمصالح الشعوب لا تتحقق بالكذب والخداع والنفاق، بل إن السياسة في لبها وجوهرها أن يصدق القائد أتباعه، وأن يتحرى الحق والحقيقة، ويكشف الزيف ويحارب النفاق والمنافقين، والفساد والمفسدين، فالقائد لا يستخدم الكذب ولا يلجأ إليه مهما كانت الظروف، لأن الكذب يهدم القيم، ويفسد المعاملات، ويحطم العهود، ويؤدي إلى انهيار الحياة.
وفي عصرنا هذا، الكثير والكثير من السياسيين الكذبة والمحتالين، لكنك لن تجد أغرب ولا أعجب من سياسي معزول ظل ولا زال يشغل المشهد السياسي المغربي، واستطاع أن يضع بصمته في سجل التاريخ السياسي المغربي عبر سياساته ومواقفه وتدابيره التي هدمت البنيان.
فقد استطاع صاحبنا أن يجرد السياسة من قيمها النبيلة ومن الخلق ومن الدين، وجعلها فنا من فنون التمثيل، فهو قادر على تقمص الأدوار، وقادر على الخروج على جموع الناس بلغات عديدة وأشكال كثيرة من أجل إرضاء جميع الأتباع وتلبية جميع الأذواق.
كل هذا أدى بنا نحن المتحلقون حول المشهد السياسي المغربي، نجد في كذب الساسة وأفعالهم ما يبررها بدعوى أنه من دون المفاهيم الخاطئة والصور الخيالية والأوهام تبدو حياتنا مستحيلة ومقززة، بل يصبح معيشنا غير قابل للتصور من دون أساطير واستعارات، حتى صرنا مقتنعين بأنه لا مفر أمام السياسي من الكذب مهما علت همته الأخلاقية، لاسيما إذا كان الجمهور يتوقع منه أن يفعل هذا ليستدرجه إلى أوهامه وأحلامه.
يبقى الكذب أمراً غير مقبول مهما كانت الدوافع، فمن يكذب على نفسه كمن يكذب على اتباعه، وهي عادة منبوذة وغير أخلاقية مهما كانت المبررات.
ولذلك ورد في الأثر أنّ المؤمن قد يقتل ويزني، ولكن لا يكذب لأنّ الله لعن الكذابين ولعن المنافقين، ولعن ذا الوجهين، ولعن نقض العهد والإخلاف بالوعد.
فاستمروا في كذبكم فالله فوق الجميع.
ابراهيم فارح