بقلم الأستاذ حميد طولست
في الأول من مارس من كل سنة، ـيخلد المغرب كغيره من بلدان العالم ، اليوم العالمي للوقاية المدنية والذي تحييه أجهزة وهيئات الوقاية والحماية المدنية الوطنية في مختلف المدن المغربية لتحسيس المواطنين وتعريفهم بمهام وأدوار أجهزتها المكلفة بالحماية المدنية، التي يقع على عاتقها ضمان حمايتهم وحفظ حياة المغاربة وممتلكاتهم وبيئتهم من كل ما يتتسبب في الإضرار بها ، من كوارث طبيعية أو غيرها والناتجة عن الأنشطة البشرية ، ومواجهتها بما يلزم من الإعداد الدقيق والعقلاني في أفضل الظروف من أجل التخفيف من وقع وجسامة الأضرار على السكان والموارد والبيئة ، التي لا يكون وقوعها إلا فجائيا في غالبيته ، ويستحيل تحديد زمان ومكان حدوثها أو مدة دوام آثارها.
وبهذه المناسبة ، أقف إكراما وإجلالا لكل رجال أجهزة وهيئات الوقاية والحماية المدنية الوطنية المغربية على تفانيهم واستماتتهم في أداء واجبهم الوطني في وقاية وإغاثة أرواح المواطنين وممتلكاتهم ، وأكبر فيهم التضحيات الجسام التي يبذلونها لحماية هذا الوطن مما يؤثر سلبا على سلامته وسلامة بيئته وصونه من المخاطر الكبرى التي قد تتطور في التجمعات السكنية أو أماكن العمل أو الترفيه ،بسبب ضعف الإمكانيات وتواضعها في كثير من المناطق عبر التراب الوطني ، والذي يحول دون تأمين تدبير فعال لحالات التدخل في الأزمات والكوارث ، كما هو حال مدينة فاس ، التي تأخر فيها رجال المطافئ عن إنجاد سيارة من النيران التي استمرت تنهش هيكلها مدة طويلة صباح يوم 13 /12/ 2015 بشارع الحسن الثاني ، قلب المدينة ، العامر بالعمارات والمتاجر والمقاهي والتي لم يتدخل أي من الساكنة أو التجار أو أصحاب المقاهي لمحاولة إطفاء النيران المشتعلة في السيارة ، بواسطة ما يفترض أن يتوفروا عليه من قنينات الإطفاء ، والتي كانت كفيلة بإخماد النار في بدايتها ، أو الحد من غلوائها على الأقل ، في انتظار مجيء رجال المطافئ ، الذين أصبح تدخلهم يتطلب وقتا طويلا ، لبعد ثكنتهم عن وسط المدينة ، وعدم وجود مراكز لهم خارجها ، بعد أن نقلت إحدى الثكنات في أواخر الثمانينات من شارع الحسن الثاني إلى وادي فاس ، وتم تفويت مكانها لإنشاء فندق مصنف ، -الأمر الذي لا يهمنا هنا-
وليس حريق سيارة شارع الحسن الثاني وتأخر رجال الوقاية المدنية ، وعدم توفر قنينات الحرائق لدى المقاهي والمحال التجارية الموزعة بكثرة على طول جنبات الشارع الكبير، بل هناك حادث آخر ، أشد خطورة ، هو الحرق المهول الذي أتى قبل سنوات ، على 24 متجرا للأثواب والملابس، والسلع القابلة والسريعة الاشتعال ، في حي فاس الجديد ، الأمر الذي صعد من هيجان النار وأجج اشتعالها ، وصعب مأمورية رجال الإطفاء ، الذين هبوا كعادتهم باذلين التضحيات الجسام لتخليص التجار والساكنة مما حل بهم. إلى جانب ما تعرفه البنية التحتية من ضعف وقلة التجهيزات التي يعتمد عليها في مثل هذه الكوارث المهددة للأرواح والممتلكات، ما عقدت عملية الإنقاذ ، حيث أن عدم توفر الحي على مراكز لرجال الوقاية وانعدام وجود تجهيزات الإطفاء اللازمة لتزويدهم بالماء الكافي لإخماد حريق في ضخامة وضراوته هذا الذي ابتلي به ساكنة فاس الجديد ، ما اضطرهم إلى للجوء لحي المرينيين للتزود بالماء ..
وبمناسبة حدث حريق السيارة -والمناسبة شرط كما يقولون- يسرني في اليوم العالمي للوقاية المدنية أن أذكر المسؤولين عنها الذين تهمهم حياتات المغاربة بما راج قبل سنوات في لقاء تم - لا أذكر مناسبته- مع السلطات والمسؤولين عن الوقاية بالمدينة تُدورست خلاله خطورة انعدام حنفيات الإطفاء بجل الأحياء الشعبية لفاس ، والمعروفة بضيق دروبها والتي يتعذر وصول الوقاية المدنية إليها عند وقوع الكوارث ، واُقترح أنذاك إلى جانب تزويد كل الأحياء بتلك الحنفيات الضرورية للإنقاذ، إقامة مراكز صغير تابعة للوقاية المدنية مزودة بالهاتف وبعض معدات التدخل الأولي التي تسبق حضور رجال الإطفاء ومعداتهم الضخمة. وتدريب بعض ساكنة الحي على التدخل الأولي وخاصة منهم "البياتة" هذه الفئة من العسس الذين لا يخلو من وجودهم أي درب من دروب الأحياء والمدن القديمة، وهم تلك الفئة المعروفة عندنا مند القدم "بالعساسة ديال الليل" الذين يسهرون على حراسة المتاجر وأمن المساكن ليلا ، وأذكر جيدا أن المتضررين من الحريق قد اجتمعوا غرفة التجارة والصناعة والخدمات لفاس ، للاحتجاج على مصابهم الجلل ، وحتها على تنفيذ المقترح السابق ، وخاصة أنه لا يتطلب الميزانيات الضخمة التي يتحجج المسؤولون دائما بشحها وانعدامها..