adsense

2016/03/22 - 9:16 م



بقلم الأستاذ حميد طولست
تعد ظاهرة تدخل السياسة والسياسيين في الرياضة واستغلال الرياضيين وجمعياتهم وأنديتهم ، لخدمة مصالح السياسيين الخاصة ، ظاهرة قديمة لم قتصر على شعب دون آخر أو دولة أو ثقافة دون أخرى ، و ارتبط وجودها بوجود الأنظمة السياسية، إلا أنها تتفاوت من حيث الحجم والدرجة بين مجتمع وآخر، حيث أن حدتها تضعف مع الأنظمة الديمقراطية التي تقوم على أسس من احترام حقوق الإنسان وحرياته العامة وعلى الشفافية والمساءلة وسيادة القانون ، بينما تكثر مع الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية التي تعمل على تشجيع بروزها وتغلغلها ، كما هو الحال في مجتمعنا الذي باتت فيه من العلل المستهجنة واللاأخلاقية ، خاصة في مجال كرة القدم ، اللعبة الأكثر شعبية ، والتي يعتبرها تجار الانتخابات مجرد لهو ولعب وتسلية ، ويدرجونها في آخر مراتب اهتماماتهم ، وقلما يصنفونها في جداول أعمال مشاريعهم الخاصة والعامة ، إلا في مواسم الانتخابات ، حيث لا تتعدى عندهم وعود عرقوبية لا تساهم في تطويرها وتقدم مجالها .
ويبدو ذلك -مع اللأسف الشديد- جلياً في تخلي أكثريتهم عن التزامهم بالاهتمام بميدانها ، مباشرة بعد الفوز في الانتخابات ، وحصولهم على المنصاب السياسية المنشودة ، ليتركوها وفرقها وجمعياتها العديدة والمتنوعة ، تسبح في مشكالها انتكاساتها المتتالية ، وتتخبط في احباطاتها التسيرية ، المادية منها والمعنوية ، والتي لا يكفي للخروج منها ، وتفادي مصائبها وكوارثها الأخلاقية ، لا تنزيل الشرائع التنظيمية ، ولا إخراج القوانين الزجرية ، كالشغب الذي حدثة قبل أيام بملعب الدار البيضاء ، بين مشجعي .... والذي ذهب ضحيته أبرياء ، والذي يشك أن مرده هو الآخر ، تدخل السياسة في الرياضة ، وتقصير الكثير من الجهات السياسوية المستفيدة من الرياضة ، في الاهتمام بالبعد الثقافي والسلوكي للفرق الكروية ، وجمعيات المشجعين والمحبين لهذه اللعبة الشعبية ، التي تعكس رقي الشعوب وتحضرها ونهضتها ، والذي لاشك يحتاج عندن إلى مجهود جماعي كبير ، من المدرسة والأسرة والإعلام والسياسين المتدخلين فيها ، لمعالجة الامية والجهل الرياضي الراسخ لدى أطياف كثيرة من محبي كرة القدم ، وتأطيرهم تأطيرا لائقا بالعصر وتوجيههم نحو التمدن والتحضر الرياضي الممارس في البلدان المتقدمة ، لما له من تأثيرات وتداعيات إيجابية في كل المجالات الرياضية عامة ومجال كرة القدم على وجه الخصوص ، حتى نقي البلاد من شرور التخلف والسلبية التي تذكيها الشعبوية المرتبطة بضعف الوعي ، والمعبرة عن المستوى الاجتماعي والثقافي الذي لا ينعم بأي مستوى من الأخلاق الرياضية الراقية ..  ومع كل هذا وذاك ، فلا يجب أن نستغرب من تدخل السياسة في الشؤون الرياضية في بلادنا إطلاقاً ، لأن ذاك سلوك عرف في كل بلدان المعمور ومند القدم ، لكن مع فارق بسيط وخطير ، في نفس الآن ، هو ان الفائدة في ذلك عندهم تشاركية بين طرفين يهدفان إلى تحقيق تنمية الرياضة ، بينما الأمر عندنا أحادي الاستفادة ، إذ لا يستفيد من ذاك التخل ، أو التداخل ، غير السياسي وحزبه. وقد عرف العالم عبر التاريخ من تدخل السياسة في الرياضية ، العديد من الحالات  ، التي يصعب على المرء الإحاطة بها كلها ، لكثرتها وقدمها ، حيث أنها بدأت مند العهد الروماني بإلغاء (ثيوديوس) الألعاب الأوليمبية القديمة لأسباب سياسية ، وتدخل (موسوليني) وهتلر في شؤون الرياضة من أجل السياسة ، حيث عطلت السياسة بطولة كأس العالم دورةاتالألعاب الأوليمبية لسنوات بذرائعها سياسية ، خلال الحربين العالميتين، حين استغل (موسوليني) استضافة كأس العالم سنة 1934م في إيطاليا للدعاية لنظامه الفاشي، وكذلك فعل (هتلر) مع أولمبياد برلين عام 38، وعوقبت ألمانيا المنهزمة في الحرب بتغييبها عن البطولات العالمية التي تلتها، وفي السبعينات عادت السياسة لتطل برأسها على الرياضة سواء عبر الهجوم الفدائي الفلسطيني على البعثة الإسرائيلية في أولمبياد ميونخ أو عبر المقاطعة الإفريقية لدورة موريال عام 76 بسبب التعامل مع جنوب أفريقيا العنصرية وقتذاك، وتصاعد الأمر إلى ذروته بالمقاطعة الأميركية لأولمبياد موسكو في سنة 1980، ورد الروس وحلفاؤهم على ذلك بمقاطعة أولمبياد لوس أنجلوس بعد أربع سنوات. وقد أعاد تدخل السياسة في الرياضة العلاقات بين أميركا والصين عبر دبلوماسية كرة الطاولة، كما أعادت الدفء للعلاقات الأميركية الإيرانية عبر لقاءاتالمصارعة وكرة القدم بين البلدين، فإن السياسة عادت لتطل بوجهها المتجهم في وجه الصينيين الطامحين في قضيةاستضافة أولمبياد 2008 بكين. 
ولا يمكن لأي متتبع رياضي أن ي
تجاهل استغلال برلسكوني لكرة القدم سياسيا ، وأن نجاح نادي ميلان كان وراء اتساع شعبيته ليؤسس بعد ذلك حزبه السياسي «فورزا ايطاليا»، الذي صعد به الى رئاسة الحكومة في بلد عاشق لكرة القدم الى حد الجنون ، كما يجب أن لا ننسى استفاد منعم من دعم مارادونا حينما كان يواجه ازمات محلية، وعندماتخلى عنه النجم الشهير خسر معركة رئاسة الارجنتين ، وكان زيدان ايضا من اكبر الداعمين للرئيس شيراك خلال حملته الانتخابية عام 2002 في مواجهة الزعيم اليميني لوبان.