adsense

2023/12/12 - 1:46 م

بقلم عبد الحي الرايس

لو أنهم كانوا يعقلون، لأيقنوا أنهم ماضون، وإلى فَناء صائرون، وللعبرة يستخلصون، فلو دامت لأسلافهم ما كانوا لها يتوارثون، ولكنهم إلى مغانمهم مُنصرفون، وعلى مواقعهم محافظون، ولضمائرهم مُسْكِتون، وفي غوايتهم مُتمادون، فَعَنْ أية حقوق يتحدثون؟ وكيف لها يَدُوسون؟ بالعدالة يُبشرون، وإلى المساواة يدعون، وبالسلام يترنمون، ولتمثال الحرية يُجسِّدون، ولشعار الكرامة يرفعون، ثم إذا هم لأقطار غيرهم يستعمرون، ولخيراتها يستنزفون، ولغير بني جنسهم يستعبدون، ولمقاوميهم يُبيدون، فعن أية حقوق يتحدثون؟ وكيف بهم لها يَصُوغون، ليومها العالمي يُخلدون، ولهيآت حمايتها يُؤسِّسون، ثم إذا بهم لها يتنكرون، للحروب يُضرمون، للشعوب يُرحِّلون، ولديارهم يستوطنون، للأطفال يُمِيتون، وللعمران يُخرِّبون.

أسفي على إنسانية مُجْهَضة، وحقوق مُغيَّبة، وأنانية مُعلَنة، وغطرسة مُمارسة، وعلى شعوب تعيش القهر ولا تبالي، تستكين للاستلاب وتُجَارِي.

ومَرْحى لأقوام قاوموا الاستعمار، وعمروا الديار، ومضوا على طريق الابتكار، وفي الإنسان حققوا الاستثمار، ثم إذا هم باستقلالهم مُعْتدُّون، ولثرواتهم مُنتجون، ولاختراعاتهم مُعَدِّدُون، وللأسواق مُقْتحِمون، ولقُوى البَغْيِ مُناوِئون.

وكُلُّ فلك يدور بما فيه، وخيْرُ الأفلاك الذي عرف طريقه، فمضى فيه يُصحِّح مساره، يَصُون هُويته، ويبني إنسانه، يستثمر ثروته ويُعزز استقلاله، يُشِيعُ العدل في ربوعه ويتدارك أخطاءه.

والإصغاء إلى صوت الحكمة يُنْجي، والتغاضي عنه يُرْدي، والسُّبُل شتَّى، وسبيلُ الحقِّ دَوْماً أرْشَدُ وأهْدَى.