adsense

2023/12/29 - 8:26 م

بقلم الأستاذ رضوان البقالي

منذ فجر الإستقلال 1956 شهذ المغرب سنوات من الجفاف والمجاعة؛ ولازال يعيش على إيقاع أزمة الغذاء وأزمة التوريد بالمواد الغذائية والأولية ...في ظل هذا الوضع التاريخي وقعت الحكومات المتعاقبة على المغرب في شخص الوزارة الوصية"وزارة الفلاحة والصيد البحري"عدة مخططات بهذف الرفع من منسوب الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي، وكان أبرزها مخطط المغرب الأخضر الذي إنطلق سنة 2008 وانتهى في سنة 2020 وبعده تم اطلاق مخطط الجيل الأخضر(2020/2030)

منذ إنطلاق الأول الى حدود اللحظة تقريبا 15 سنة؛ شهد خلالها إنطلاق عدة مشاريع ضخمة صرفت عليها عشرات الملايير التي تم رصدها لإنجاح هذه المخططات؛ لكنها تفرقت كما يتفرق ماء المطر بين الوديان؛ في غياب تام لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وغياب مبدأ المقاربة التشاركية في تنفيذ تلك المخططات على أرض الواقع ؛ زيادة على ذلك غياب الكفاءة والفاعلية لأصحاب ذوي الشأن العام مما أفرز نوع آخر من الإقتصاد "إقتصاد الريع ". ينتهي مخطط حتى يبدأ آخر دون الأخذ بعين الاعتبار وقت لتقييم نتائج الأول وامتلاك فرصة لتصحيحها ومعالجة أسباب وقوعها ؛ ففي غياب تام لثقافة التقييم لايمكن الحديث عن التغيير والتطور ...فهناك علاقة رياضية بين تغير الشيء وحركيته؛ كلما كانت الحركة متسارعة كان التغير يأخذ قيم عليا دون هدر للزمن مع تحقيق للنتائج المتوخاة "الأمن الغذائي والرقي الإجتماعي" ومادامت النتائج سلبية وغير مقبولة نهائيا مع المخطط الأول "المغرب الأخضر" فهذا يعني أننا وقعنا في فخ المخطط الثاني "الجيل الأخضر " ونعيد نفس المراحل بنفس الأسلوب ونهضر ملايير أخرى وننتظر نتائج مغايرة ..فكيف لها أن تكون مغايرة وهي خرجت من رحم يشكو من العقم "العقم الفلاحي والتنموي"

حيث يعلم الجميع أن أي إصلاح كيفما كان لايمكن تنزيله بين ليلة وضحاها ولابد له من أسس وميكانيزمات للتنزيل ... انسجاما بالموضوع كان بالأحرى على الوزارة الوصية أخد الكثير من الوقت والعودة إلى أساس المنظومة الفلاحية "الفلاحين ؛المياوميين في القطاع؛الخبراء الفلاحيين والزراعيين...." مع الإضطلاع على التجارب الرائدة في المجال الفلاحي على المستوى العالمي "كندا ؛امريكا ؛اوكرانيا......."مع أخد بعين الاعتبار الخصوصية المغربية "نوع التربة ؛نوعية المواشي ؛نوع المناخ السائد؛احتياجات المواطنين ؛........"مع تملك الشجاعة أمام تقييم النتائج  والوقوف أمام الإختلالات والتلاعبات....وضرب بيد من حديد على كل من تهاون أو تلاعب بمصير أمة غارقة في العطش وخصوصا في المجال القروي و غلاء أسعار المواد الفلاحية  ... لكن حكوماتنا الموقرة كانت دائما ماتنفذ توصيات البنوك العالمية دون التفكير في بناء إقتصاد فلاحي وطني قادر على تحقيق الإكتفاء الذاتي والإنفتاح على السوق العالمية مستقبلا ؛ وما تم حصده من المخططين من  ذيون ثقيلة وهدر للمال العام دون حسيب ولا رقيب خير دليل على فوضى التسيير والتذبير ومع تعاقب الجفاف والتقلبات الجيوسياسية للعالم والدول المنتجة للقمح سيكون أمام المغرب سوى خيار الإنتقال إلى زراعة الحبوب والأشجار المقاومة للعطش مع توفير التسهيلات اللازمة لزراعاتها .

إن خيار الإنتقال إلى زراعة الحبوب والأشجار المقاومة للجفاف والتغيرات المناخية كأشجار الخروب والزيتون والأركان والصبار ... بشكل متواز مع تطوير أصناف أخرى من الحبوب معدلة وراثيا تكون موجهة خصيصا للغرض نفسه بغية إنقاذ ولو جزء صغير من الأرض المحروقة بفعل الجفاف مع التخلي عن زراعة البطيخ بكل أنواعه والأفوكا بٱعتبارها زراعات تستنزف الفرشة المائية؛ هذه الإقتراحات مهمة لكنها غير كافية إذا لم يتم ربطها بتسريع وثيرة برنامج تحلية مياه البحر الذي يعد من أكبر المشاريع في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط  يليه إنخراط الدولة المسؤول في برنامج أكثر ثورية برنامج "تلقيح الغيوم أو الإستمطار الصناعي" هذا الأخير عبارة عن عملية إسقاط المطر من السحب بطريقة علمية تروم إشراك تكنولوجيا العلوم مع علم المناخ وتستخدم هذه الطريقة لتوليد مياه الري و توليد الطاقة الكهربائية كما يساهم في منع سقوط الأمطار الغزيرة في المناطق الزراعية خوفا من إتلاف المحاصيل ؛رغم ذلك هناك تخوف من طرف لجان البحث العلمي المهتمة بالموضوع من إستخدامه "الإستمطار الصناعي"في الحروب وتصفية الحسابات الدولية ؛ كما لا يخفى على أحد ماهو عليه القطاع الفلاحي بالمغرب حاليا وماذا ينتظره وتكثر التخوفات من أن تصبح كل هذه البرامج جافة مثل سابقاتها من المخططات.