adsense

2021/01/10 - 1:08 م

 

بقلم عبدالحي الرايس

ترفعُ الشعاراتِ وتتباهى، في التنظير تتبارَى، وعن التحسب للكوارث تتغاضى، فإذا حلَّ بها الطوفانُ وتهاوَى الْبُنيان صارتْ تتباكى.

وانْعطف مُدَبِّرُوها على بعضهم يتلاومُون، وبالتُّهَم يتنابزُون، مع الضحايا يتعاطفُون، ومن تعويضهم يتنصَّلُون .

يَا لَهَوْلِ ما حدث ! كُبرَى الْمُدن على سطح الماء طَفَتْ، ميازيبُها بِقُمامتها امتلأتْ، وبأوْحالها اختنقتْ، وعن هدْر أموالِ توسيع شبكةِ تطهيرها تحدثتْ، وبأصابع الاتهام إلى مُسيِّريها توجَّهتْ.

وعلى مشارفها مشروعُ مدينةٍ فلكية، بالْخُضرة ازدانتْ، وبالذكاء بَشَّرتْ، بعضُ تجهيزاتها هَوَتْ، ومن التقصير في الإنجاز اشتكتْ.

فيا مَنْ بيده الأمرُ والنهي، والإنعامُ والزجر، أَقِمِ العدْلَ في المدائن، وحاسبْ كل مُقصِّرٍ للأمانة خائن.

وفي البلاد عبقرياتٌ وكفاءات، تتحسَّبُ للكوارث والمفاجآت، تستلهم تجارب المدن الرائدات، فتُنْجز جَيِّدَ الدراسات، وَتُعِدُّ الصفقات، بدقيق المواصفات، وبين أيدي القوم مواردُ واعتمادات، تُرْصَدُ لواقي الإنجازات، فكيف تُهْدَرُ المليارات؟ ولا تكتمل التجهيزات؟ وتاتي الكوارث لتفضح التقصير في العديد من المجالات؟

أما عن ذكاء المدن فحديثٌ يَطُول، وتصَوُّرٌ مُتكامل ياتي مُحصلة حكامةٍ وكبيرِ مَجْهُود، ويقتضي روحَ المواطنة، وأمانة المسؤول:

تجهيزاتٌ تحتية تمتدٌّ لقرون، ومعمارٌ يقوم على بنيان مرصوص، واخضرارٌ يضمن نقاوة الهواء للعموم، ونقلٌ حضريٌّ نظيفٌ في متناول كل مواطن ومسؤول، وفضاءاتٌ للعلوم والثقافة والفنون، وللرياضة والخِدْمات ومُرِيحِ التنقلات، تستجيبُ للحاجةِ،  وتلبِّي كل مطلوب.

ولن تتحقق المدينة الذكية  إلا بمجتمع ذكي: ينتقي من المنتخبين أصدقهم وأذكاهم، يتحررُ من الأمية، يقاومُ الفساد، ويترفعُ عن كل إرشاءٍ وارتشاءٍ ودَنِيَّة، ويتآزر في التكافل والتوعية.

وصفوة القول:

أن التعَالُمَ والتذاكِي لا يَبْنِي، ولا يلبثُ أن يؤولَ إلى الانفضاح والتهاوي .

وأن خير الذكاء ما عَمَّ وساد، وتجلى في كل التجهيزاتِ والمُنشآت، وصدر عنه كل المسؤولين والمسؤولات، ومارسه بالتزامٍ ويقظةٍ كلُّ المواطنين والمواطنات.