adsense

2021/01/31 - 1:16 م

بقلم ابراهيم فارح

نحن نعيش في مغرب مليء بالتناقضات، التي تبدو أحيانا ككوميديا ساخرة مضحكة، وأحيانا تظهر كتراجيديا تبعث على الغثيان واليأس.

فالسياسة التي يتبعها حزب العدالة والتنمية، باتت مدعاة للحيرة، إن لم يكن للقلق. فسياسته تجمع بين المتناقضات في ما يقوم به على الساحة، لنعد قليلا إلى الماضي القريب، لننظر إلى تلك الطهارة التي  كانت تتجسد في مؤسسات الحزب والحركة، كبديهية لا تنفصل عن متطلبات السمو الإنساني من خلال الدين، لكن ما إن استبد بالسلطة والحكم، حتى صارت يوميا تنفجر في وجوهنا فضائح أعضائه المالية والجنسية، زد على ذلك التغطية على رجال السياسة الفاسدين المستبدين، ما يجعلنا أمام تناقض صارخ بين ما كان يدعو له  من طهارة القول والفعل والالتزام الخلقي، وبين ما يمارسه بعض أعضائه أو تزخر به بعض مؤسساته  من ابتعاد تام عن الطهارة، بل وأحيانا من انغماس تام في النجاسة.

وهاهو سعد الدين العثماني قائد الائتلاف الحكومي، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، يوقع بين يدي بروتوكول التطبيع مع الكيان الصهيوني، في حين يصدر الحزب عقب انتهاء دورة مجلسه الوطني, بيانا يؤكد من خلاله » مواقفه المبدئية الثابتة والراسخة ودعمه اللامشروط ومساندته القوية لكفاح الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الاحتلال « الصهيوني الغاشم

مرة أخرى، نحن أمام ثنائية التناقض بين الموقف مما يرفض والموقف مما يطلب. إنه تناقض الكذب والتلفيق مع حقائق ممهورة ومختومة ومصرح بها، إنه تناقض القول مع الفعل عندما يصُب في المصالح الحزبية الضيقة. عند ذاك يصبح الخوف على العالم كله ثانويا بالنسبة للاستحقاق الانتخابي المحدود. هذه الثنائية، ثنائية الأنا والآخرون أصبح رذيلة مقبولة في الساحة السياسية المغربية.

فمثلا أن  يستفيد  واحد من تقاعد جد جد مريح  فهو مقبول، وأن يعيش الباقون فى فقر مدقع يزداد سوءا وفجيعة فهو مقبول  أي إذ يمكن تعايش  النقيضين في عرف وشريعة اللمباويين  الزاحفة بثقة وجبروت.

وما يحز في النفس، هو أن هؤلاء السياسيين يعلمون أن العصر هو عصر المعلوميات بامتياز، وأن هناك مواقع ومنصات تسجل أنفاسهم، ولا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، ومع ذلك، فإن هذا الأمر، لا يثني هذه الكائنات الضحلة عن ممارسة التناقض بالمواقف، حتى ولو كان أمرهم مكشوفا ومفضوحا، وتوحي لهم بلادتهم أن يراهنوا على الوقت والزمن، ويتوقعون، أن ينسى المتلقي مواقفهم المتناقضة التي يراد لها أن تكون مقبولة، بلا مراجعة ولا مقاومة، حينما يحين الاستحقاق السياسي أو النقابي أو غيره من الأنشطة العامة.

وفي ظل هذه المعطيات لا يمكن أن نتوقع حلولا حقيقة لهذه المعضلة في ظل انْعدام ثقة المجتمع بالطبقة السياسية، لأن هذه الطبقة فشلت في التأسيس لعلاقة ترابط بينها وبين المجتمع، في أن تكون معبرة عن مصالحة، رغم فشلها وفسادها وسوء إدارتها لا تزال ترفض الإقرار بعجزها عن إحياء الثقة المفقودة، أو قدرتها على إعادة إنتاجها.

له علاقة بما سبق:

التطبيع يأتي كأفضل أداة تفتق عنها المكر الصهيوني، فهو شرط يضعه في المقدمة لكل » اتفاقية سلام، فلا سلام عندهم بدون تطبيع سياسي وثقافي واقتصادي، وإلا ففالحرب.

سعد الدين العثماني 1996