adsense

2020/12/19 - 11:37 ص

أصدرت الحكومة الجزائرية قانونا جديدا لزيادة الرقابة على المواقع الإخبارية، ما يهدد حريتها وحتى وجودها بالنظر للتضييق الذي تعاني منه.

حمدي بعلى الصحافي في موقع "توالى" الذي تعرض للحجب في 2 ديسمبر الجاري لوكالة فرانس برس إن المواقع الإخبارية الإلكترونية تمثل "فضاء حرّا وهي تفلت من سيطرة السلطات فنيا واقتصاديا. وبهذا القانون يريدون وضع اليد عليها".

وصدر "المرسوم التنفيذي المحدد لممارسة نشاط الاعلام عبر الأنترنت ونشر الرد أوالتصحيح عبر المواقع الالكترونية" في الثامن من ديسمبر الجاري في الجريدة الرسمية بهدف مكافحة "إساءة استخدام هذا النوع من الإعلام الحديث"، الذي ينشر "إشاعات وأخبارا كاذبة ومقاطع فيديو مزورة"، بحسب وزير الاتصال عمار بلحيمر.

وانتقد أهل المهنة هذا النص الذي قدمه الوزير والصحافي السابق، كدرع ضد الهجمات التي تستهدف الجزائر وجيشها على شبكة الإنترنت.

واعتبر الصحافي سعيد جعفر في افتتاحية على موقع "24HDZ" أن القانون يمثل "حظرا سخيفا للصحافة الإلكترونية المستقلة. هذه إشارة سيئة أخرى".

وما زال أمام المواقع الإلكترونية الإخبارية 12 شهرا للامتثال لهذه الأحكام الجديدة، - بما في ذلك الحصول على شهادة تسجيل للاستمرار في العمل - أو يتم حظر نشاطها.

لكن نظام الترخيص هذا ،يتعارض مع أحكام الدستور التي تمنع أي رقابة مسبقة على وسائل الإعلام، كما نبه أيمن زغدودي، المستشار القانوني للمنظمة غير الحكومية "المادة 19" المدافعة عن حرية التعبير.

وأوضح لوكالة فرانس برس، أن "المرسوم التنفيذي يتضمن التزامات تهدف الى تعزيز قبضة السلطة السياسية على حرية التعبير على الانترنت".

كما أثار الجدل بند إلزام المواقع الإخبارية على "التوطين حصريا، في الجزائر بامتداد اسم النطاق dz".

وذكر زغدودي أن معظم المواقع مستضافة حاليا في الخارج، لأسباب فنية تتعلق بإمكانية الولوج إليها بشكل أساسي، والالتزام بنقلها إلى الجزائر "قد يؤدي إلى انتهاك بعض المبادئ مثل سرية المصادر".

وأشار إلى أن هذا الإجراء "أداة للتدخل في المحتوى المنشور على المواقع الإلكترونية من خلال فرض رقابة على كل ما ينتقد السلطات".

أما بالنسبة للسلطتين التنظيميتين الموعودتين في المرسوم - إحداهما مسؤولة عن الصحافة الإلكترونية والأخرى عن الخدمات السمعية والبصرية عبر الإنترنت - فهما غير موجودتين بعد.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن على كل مدير موقع إخباري إخطار السلطات بأي "محتوى غير قانوني" ينشر على منصته، وفقا للمرسوم التنفيذي، ما جعل المستشار القانوني لمنظمة "المادة 19" يعبر عن تخوفه من أن "يجعل هذا الالتزام الصحافيين معاونين للشرطة".

وقال حمدي بعلى "لا ننوي الانصياع للمرسوم، لأنه غير قانوني حتى لو أردنا ذلك فلا نعرف كيف، الوضع مثير للرعب".

ويمكن للعديد من وسائل الإعلام الإلكترونية أن ترفض أيضا الامتثال للقانون، لكن الحجب الذي قد تفرضه السلطات، على الرغم من إمكانية التحايل عليه، له تأثير حتمي على انتشارها وجمهورها، وبالتالي على مصداقية هذه المواقع الإخبارية.

وقد يؤدي تراجع الولوج إلى المواقع الإخبارية إلى زعزعة استقرارها المالي، بما أن معظمها يعتمد بشكل حصري تقريبا على الإعلانات.

ومع انخفاض عدد الزائرين للمواقع، وبالتالي جمهور الإعلانات، فإن للرقابة أيضا تأثيرا رادعا على المعلنين المحتملين من الشركات الخاصة، بما أن إعلانات الشركات الحكومية مُحتكرة من قبل الوكالة الوطنية للنشر والإشهار(مملوكة للدولة)، التي يمكن استخدامها بسهولة للضغط على وسائل الإعلام.

وتستعد الوكالة الحكومية، التي عملت حتى الآن مع وسائل الإعلام التقليدية (صحافة وتلفزيون)، لاحتلال مشهد الإعلام الإلكتروني، من خلال إنشاء فرع للإعلانات الرقمية.

وسبق أن تعرض ما لا يقل عن عشرة مواقع إخبارية للرقابة من قبل النظام خلال العام الماضي، مثل "راديو أم" و"مغرب إمرجنت" و"أنترلين" و"قصبة تريبون"، وغيرها.

وبالتاكيد فإن الممارسة ليست جديدة، فقد تعرض موقع "كل شيئ عن الجزائر" للحجب منذ 2017، لكنها تتزايد، وفقا لصحافيين سألناهم.

وبذلك فإن الرقابة المتزايدة تمس كل شبكة الانترنت الجزائرية، التي تضم 22 مليون مستخدم ومثلهم من مستخدمي الشبكات الاجتماعية.

وإذا كانت السلطة تحاول وضع وسائل الإعلام تحت السيطرة من خلال الضغوط القانونية والتضييق الاقتصادي، فهي أيضا تقاضي مستخدمي الإنترنت بسبب منشوراتهم النقدية على الشبكات الاجتماعية.

وبالنسبة للصحافي سعيد جعفر، فإن القواعد الجديدة تهدف إلى "جعل أولئك الذين ينوون البقاء مستقلين، خارجين عن القانون".

أ ف ب