adsense

2016/04/15 - 7:38 ص

بقلم الأستاذ حميد طولولست
يقول صلى الله عليه وسلم : "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، لما للابتسامة من إيجابيات كثيرة ومزاياها عديدة ، يصعب على إحصائيات العالم قياس دفأها ، لكونها اللغة الوحيدة التى تفهمها جميع الشعوب دون ترجمة، لما تحمله من معلومات قوية تستطيع التأثير على العقل البواطن للإنسان ، والنفاذ ، دون إستئذان ، إلى أعماق نفسه ، وادخال السّعادة على قلبه المفجوع ، وبلسمة جراحه العميقة، ، وانعاش أعضائه ونشر الارتياح بدواخلها ، ومنحها الأمل والتفاؤل .
رغم أن الابتسامة هبة من الله عز وجل للطبيعة البشرية، وسلوى من همومها ، تفتح مغلق علاقاتها الإنسانيه وتذيب خلافاتها مع الغير .
ورغم ما للابتسامة من المزايا والفضائل الكثيرة -التي وهبها الله عز وجل للطبيعة البشرية – التي تسلي الإنسان عما يتعرض له من ضغوط الحياة المعاصرة -على قصيرها الذي لا تستاهل هدرها في البكاء على أي شيء - المتشابكة المزعجات ، المعقدة المُنغِصات ،  نجد في مجتمعنا ، مع عظيم الأسف ، من يعمل - ربما عن غير قصد منه- على زعزعت ثقة الناس في مفعولها السحري ، الذي أقرته الشرائع والأعراف ، وذلك عبر بعض السلوكيات المجتمعية السلبية ، ممثلة في عبارات التيئيس ، التي يزخر بها قاموس التعامل المجتمعي عندنا ، والتي يرددها ،القريب قبل الغريب، على مسامع كل إقترف الإبتسام ، فتأسر إرادة التبسم لديه ، وتثبط الرغبة فيه عنده ، وتقيد تطلعه للبشاشة ، وتعمق الإحساس بالضعف على اقترافها ، وتجعل منها فعلا مشكوكا في فعاليتها وعواقبها ،  عبارات تبدو بسيطة طريفة في ظاهر منطوقها ، لكنها خطيرة في تأثيرها على المتلقي ، بما تحمله بين طياتها من مدلولات قادر على التسلل ، دون استئذان ، إلى أعماق المعني بها ، فتغير رؤيته لفعل الإبتسام ، وتجعله ينظر إلي الإبتسامة نظرة يائسة بائسة ، تؤثر سلبا على شخصيته ، وتعظم آلامه وأوجاعه،  وتحوله إلة كائن هش منكسر.
فإذا نحن ألقينا نظرة على كيفية تعاطي المجتمع عامة ، والأسر والعائلة والوالدين ، على وجه الخصوص ، مع الإبتسام مع الغير عمة ومع الأطفال خاصة ، فإننا ندرك حجم المأساة التي نزرعها بيننا وفي أولادنا عن غير قصد، والتي تشب معهم وتترسخ في مبادئهم وأفكارهم، فتغير نظرتهم للعديد من الثوابت ومن ضمنها نظرتهم للابتسامة ومفعولها ، الذي ساهمت ماديات العصر ، وعولمة القيم ، وتعدد الوسائط ، إلى تحويلها إلى نكتة ورمزا للقيم البالية المتجاوزة ، وإلى فعل  مشكوك في غاياته..
ومن تلك العبارات ، الطريفة والخفيفة ، المرهقة والهدامة للنفوس ،في نفس الآن ، المسؤولة على التغيير الجدري ، الذي لحق بمنظومة القيم الإنسانية ، والتي كانت وراء كتابتي لهذه المقالة، اسرد بعض مما اتسقر منها في ذاكرتي من عهد الطفولة ، رغما عني،  وكادت ، أن تجردني من هذه النعمة التي من الله بها على الإنسان ، رحمة به .
فكثيرا ما نسمع الرجل الشعبي يقول لمن يجهد نفسه حتى يكون بشوش المحيا ، باسم الوجه ، الين الكلام ، تحببا وتلطفا مع الناس ، إيمانا منه بأن الإبتسامة هي الطريق الاقصر الى قلوب الاخرين : تيضجك غير على خلاها ،
ثم كثيرا ما نسمع الأخ يقول لأخيه ، جهرا أو همسا أذا جاءه مبتسما : آشنو باغي عاود ثاني ؟
كما تقول الأم لإبنها إذا هو أبتسم لها: آشنو درتي ثاني آآلمسخوط ؟
أما إذا تبسم الإبن لأبيك فيقول له : ماعندي فلوس يا المفلس ، فين الي عطيتك البارح ؟
وحين  يبسم أحدهم للغريب فيقول له : واش كتعرفني ؟
وإذا أنت تبسمت تأدبا أو مجاملة لأنثى ، فيتهمك بالتحرش وقلة الأدب وتقول لك : غير خلي ضحكتك عندك ، راكم عيقتو!! 
وإذا تبسمت لمسؤول في ادارة ما، فينهرك قائلا : خلي الضحك را الإدارة وقبط الصف !!
وإذا حدث وأوقفك شرطي مرور ، وتبسمت في وجهه تأدبا ، فيواجهك بقوله : عطيني لوراق وما تضحك لي ما نضحك ليك !!
أما إذا كنت دائم الإبتسامة فتسمع من يقول عنك ، ضاحك على خلاها !!
أما إذا اعترتك لحظة سعادة في مجتمعك البائس البئيس ، وتبسمت لنفسك ، تعبيرا عن متعة، أو سعادة ، أو تعجب ، فستسمع من يقول عنك : مسكين "أهبيل" تيضحك غير بوحدو !!
ما جعلنا نقتنع أننا في الشعب لا يستحسن الإبتسامة إلا بعد الموت فيقول ؟ سبحان الله مات وهو مبتسم !!
الرحمه يا بشر ، كفوا عن مثل هذه السلوكات السلبية ، والعبارات المحبطة ، رغم طرافتها ، واعلموا أن الابتسامة واجب اجتماعي ودرب من دروب المناعة النفسية ..