بقلم الأستاذ
حميد طولست
عنوان هذا
المكتوب اقتبست عنوانه من العلامة ابن خلدون كدليل على أن الإنسان مفطور على كرهه
للفساد ، الذي لا يختلف اثنان على كونه معول هدم بغيض مجرم ومحرم من رب العالمين
سبحانه بدليل قوله تعالى: "ولا تبغ
الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" ، والكل يرغب في محاربته وينتظر
نهايته، لما في القضاء عليه من فوائد يجني المواطن ثمراتها فيما يعيشه من أمن
واستقرار ، الذي يجعله قويا فخورا ببلده وقيادته، لذلك قيل : لا أحد فوق
القانون"، ولا حصانة لفاسد، وأن المسؤول مهما كان موقعه يُساءل ، والمقصر
يُحاسب ، والفاسد يُعاقب ، حتى لا يتمادوا في تعسفهم على الذين لا حول لهم ولا قوة.
فكم يسعد
الناس كثيرا بما يسمعونه عن استراتيجيات استئصال الفساد الفعالة ، ويتمنون استنساخ
نماذجها في بلادهم ، وكم يفرحون أكثر حين يرون بأعينهم تفعيل بعض عمليات التصدي
لما يفسد المجتمع والشعب والوطن ، على أرض الواقع ، بتفان وجدية واقتدار ، بعد أن
كانت مجرد لعبة "غمايضة"، أو "قبط عاون" المبنية إما على
المحاصصة، أو التحيز الحزبي ، أو محاباة القريب وابن العم و الصديق و ابن القبيلة
و العشيرة ، وإن كان على حساب المال العام والإضرار بالوطن والمواطنين ، وغير ذلك
من أشكال التستر على الفساد ، الذي هو أخطر على المجتمع من الفساد بعينه، والذي لن
تكتمل منظومة مكافحته ، إلا باستئصاله فكرا وواقعا ، اقتداءا بسيرة نبينا صلى الله
عليه وسلم الذي أقسم على تطبيق القانون ولو على ابنته فاطمة ، لتحقيق العدالة في
أمته وتجنيبها التفرقة والتعسف والظلم ، والذي ورد في الحديث الشريف: "وأيم
الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها".
وعلى الرغم من
قلة أعداد قضايا مكافحة الفساد التي تمت إحالتها على القضاء ، فإن ما تم منها على
قلتها ، لهي بوادر مؤشرات على قرب تحقق الغايات المنشودة في القضاء على الفساد ،
الذي انخرط فيه رجال المرحلة الوطنيين الذين لا يسعون إلا إلى فرض سيادة القانون
على الجميع ، والذين يفخر بهم المواطن المغربي ويعتز بجهودهم العظيمة الجبارة
المتضافرة والمتواصلة في محاربة الفساد والمفسدين ، فشكرا لمن بقيادتهم بدأت عجلة
الإصلاح والتعديل تدور، وبدأت تنتعش معها أحوال البلاد.