adsense

2022/02/27 - 10:39 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

سبحان الَّذِي خَلَقَ الْحَيَاةَ  وجعل أجلها محدودا لا يتقدم ولا يتأخر، بدليل قوله تعالى: "فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقدمون" الأعراف 34، حيث أنه لا يمكن أن يموت أحد قبل أجله أو بعده ، بحجة قوله سبحانه: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا"، كما قُدر للطفل "ريان" الذي انطلق من ضيق البئر المظلمة إلى رحمة الله الواسعة ، كما انطلق أول مرة من ضيق رحم أمه إلى سعة الدنيا ، ليتستوفي رزقه وأجله الذي لم يتجاوز الخمس سنوات ، لحكمة يعلمها الله ويجهلها البشر رغم يقين المؤمنن منهم  أنه في كل ما يقدر الله حكمة ، وأنه لا شيء من أقداره  سبحانه يحدثُ عبثًا ، وإن كان موجعًا أو فيه شر في صورته الظاهرية ، التي يظن الكثير أن  كل محن مصائب الناس محض شرور ، بينما يختفي في شرها الظاهر الكثير من الخير ، بما تتظمنه من حكم ، لأن الله سبحانه لا يخلق شراً محضاً لا خير فيه ، و-الله ماعندو غير الخير، كما كانت تقول والدتي رحمها الله - وأن كل تقديراته للإنسان خيـــــر لكنه قلما يعلم، بدليل قوله سبحانه :" وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمْ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون" البقرة.

وحتى لا تضيع الحكمة التي قُدر لريان أن يموت من أجلها ، وتتوارى في خظم التغطية الإعلامية التي طالت فاجعته التي هزت العالم ، وشغلت مختلف وسائل الإعلام بأدق تفاصيل مراحل الإنقاذ التي بُذل فيها أضخم المجهودات ، وجندت لها أكبر المعدات والوسائل،

وحتى لا تطوى أو تختزل الحكمة الربانية من ذلك الحدث/الفاجعة ، في الأدعية والصلوات واستحضار قصص محن الأنبياء عليهم السلام ، إبراهيم ويونس ويوسف ،

وحتى لا يدير العالم ظهره للقضاية الإنسانية - كما عودنا في كثير من الأحيان - وتتمحور ردود الافعال بعد وفاة الهالك على برقيات التعازي والمواساة ، أو تقديم بعض العطايا والمساعدة والدعم المادي لشخص او اسرة او حي او دوار .

وحتى لا يحدث كل ما سبق .

وحتى لا تنهي قصة ريان بموته ، وحتى لا تتكرر الحادثة من جديد .

وحتى لا يفلت الجاني والمجرم من المسؤولية .

 فإنه يتوجب اليوم وقبل أي وقت مضى، السعي بجد لفتح كل ملفات المعاناة التي يعيشها غير "ريان" من الأطفال ، وتحويل قضيته الانسانية إلى نضالات مقدسة ، تحدد مكامن الضعف بكل دقة  وتعمل على طرح الحلول ، أيا كانت طبيعتها سواء قانونية أو لوجيستيكية  أو تواصلية أو ثقافية، وخاصة فيما يتعلق منها بحقوق الأطفال في الحماية والتربية والصون والمحافظة ، ومن خلالهم المسارعة لإنقاذ ملايين القرويين الذين يلزمون أطفالهم ليقطعوا عشرات الكيلومترات بحثا عن شربة ماء في قساوة الظروف الطبيعية، وضراوة التهيمش والتجاهل والعزلة، وبذلك تنجح الحكمة من موت ريان وتحوله إلى ملاك بعثه الله لاستنهاض الهمم من اجل توفير عيش كريم لجميع المواطنين المتواجدين في اعالي الجبال والمناطق النائية ..