adsense

2022/02/20 - 1:01 م

بدأ الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون زيارة إلى قطر تحمل العديد من الرسائل قياسا بالتوقيت والمعطيات الاستراتيجية المحيطة ببلاده. وإلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، تحيط بالزيارة معطيات أخرى تتصل بالقمة العربية، ومسعى لكسر عزلة خليجية غير معلنة للجزائر ظهرت مؤشراتها في غياب الحماس لحضور القمة التي لا يعرف إلى الآن موعد انعقادها.

وتقول مصادر جزائرية مطلعة، وفق صحيفة العرب، إن أحد أسباب غياب الحماس لدى دول عربية مهمة لقمة الجزائر هو وقوفها إلى جانب المغرب في التوتر الحاصل بينه وبين الجزائر التي بادرت إلى اتخاذ خطوات أحادية الجانب لم تعجب حلفاء تقليديين للرباط.

ولتأكيد هذه الحقيقة تشير المصادر إلى أن الزيارة التي قادت الرئيس الجزائري إلى القاهرة خلال الأسابيع الأخيرة لم تحقق المأمول منها جزائريا بالرغم من التصريحات العامة التي تتحدث عن تطوير التعاون، لافتة إلى أن مصر لم تكن لتتحمس لقمة لا تتحمس لها دولة مثل السعودية.

وحل تبون، منذ الجمعة، في العاصمة القطرية الدوحة، في زيارة نادرة للرجل الذي لم يتحرك كثيرا على الصعيد الخارجي رغم مرور أكثر من عامين على انتخابه رئيسا للجزائر حيث تشهد أجندته فتورا رغم الدعوات التي وجهت له من طرف العديد من القادة، وكانت آخرها تلك التي وصلته من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحضور القمة الأوروبية – الأفريقية في بروكسل.

وإذ عرفت العلاقات الجزائرية – القطرية نوعا من التذبذب، منذ حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، خاصة في الفترة القريبة من موجة الربيع العربي، أين كانت الدوحة تراهن على توسيع الثورات لفتح الطريق أمام تيار الإسلام السياسي، كانت الجزائر مناهضة لما كانت تسمّيه سيناريوهات “إشاعة الفوضى وإسقاط الدول”، فإن قدوم تبون سمح بإعادة الحرارة بين البلدين، لاسيما في ظل انفتاح السلطات الجزائرية على الإخوان.

وأضافت ذات الصحيفة، أن الجزائر تريد أن تستثمر دور الدوحة المتماهي مع أجندة الأتراك في الأزمة الليبية، على اعتبار أن موقعها الجغرافي يتيح لها دورا بارزا في الملف، ويمكن أن يتحول الى ورقة تفاوض وتبادل مصالح مع الطرفين المذكورين.

ولم تول وسائل الإعلام المحلية في الجزائر، أهمية للدلالات الدبلوماسية والإقليمية للزيارة التي تأتي في توقيت تبحث فيه السلطة الجديدة بقيادة تبون عن كسر عزلة داخلية وخارجية، وعن إيجاد خارطة إقليمية جديدة في ظل فشل الأطر التقليدية، بسبب المحيط الملتهب في الساحل والأزمة المتصاعدة مع المغرب وصعوبة التطبيع مع باريس، فضلا عن متاعب القمة العربية.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن “الزيارة تشكل فرصة لتعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين وتعميق التعاون الثنائي وتوسيع مجالاته، وكذلك مواصلة التنسيق والتشاور حول القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”، واستندت في ذلك إلى البيان المقتضب للرئاسة الذي أفاد بأن “الزيارة تندرج في إطار تعزيز العلاقات الأخوية، بين الشعبين الشقيقين، ودفع أطر التعاون الثنائي قدما، بما يجسد متانة العلاقات وتجذرها، بين قيادتي البلدين وشعبيهما”.

وكان الرئيس الجزائري وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد التقيا في فبراير 2020 بالجزائر العاصمة خلال زيارة رسمية إلى الجزائر قام بها الشيخ تميم، وسجل خلالها الطرفان ارتياحهما للتطور الإيجابي الذي تشهده العلاقات القائمة بين البلدين واتفقا على توسيع مجالات التعاون بما يسمح باستغلال قدرات البلدين.

ويعتبر خط الجزائر – الدوحة أكثر نشاطا مقارنة بالعواصم العربية الأخرى في منطقة الخليج العربي، منذ قدوم عبدالمجيد تبون إلى قصر المرادية في 2019، حيث يتبادل البلدان زيارات دورية للوزراء ومسؤولي الدولتين، وكانت آخرها زيارة وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة إلى قطر منتصف يناير الماضي بصفته مبعوثا خاصا لتبون حيث استقبل بالدوحة من قبل أمير قطر.

ويدخل التعاون الاقتصادي والتجاري في صميم علاقات البلدين رغم شح الاستثمارات القطرية في الجزائر مقارنة بالدول الأخرى، حيث لا تتعدى حدود بعض المشروعات الصناعية النادرة، كمصنع الألمنيوم بمنطقة بلارة في محافظة جيجل بشرق البلاد.

ويدخل التعاون الاقتصادي والتجاري في صميم علاقات البلدين رغم شح الاستثمارات القطرية في الجزائر مقارنة بالدول الأخرى، حيث لا تتعدى حدود بعض المشروعات الصناعية النادرة، كمصنع الألمنيوم بمنطقة بلارة في محافظة جيجل بشرق البلاد.

ويحاول الطرفان تحسين هذا المستوى من التعاون، وهو ما تم التأكيد عليه خلال الاجتماع الأول لمجلس الأعمال الجزائري – القطري، المنعقد في أبريل، أين اتفق وزير التجارة الجزائري كمال رزيق ونظيره القطري وزير التجارة والصناعة القطري علي بن أحمد الكواري على إعطاء قفزة نوعية للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين من خلال تشجيع الشراكة والاستثمار الثنائي.

وأكد حينها كمال رزيق على “ضرورة تأسيس شراكات جديدة” بين البلدين وفتح آفاق واسعة لإطلاق “مشاريع مشتركة ذات المنفعة المتبادلة تلبية لاحتياجات وتطلعات المتعاملين الاقتصاديين لكلا البلدين”.

لكن التباس الاقتصادي مع الدبلوماسي يجعل الجزائر ترضى بأي شيء من قطر حتى ولو كان فتح مكتب لشركة “بين سبورتس” التلفزية الرياضية الذي يضطلع بمهمة تغطية ألعاب البحر الأبيض المتوسط المنتظرة في مدينة وهران الصيف القادم، من أجل تسويق صورة إيجابية عن الجزائر.