adsense

2018/10/23 - 12:05 ص

بقلم عبد الحي الرايس
يتعللُ البعضُ بالفقر مُلتمسين العذرَ للسارقين سَالِبِي أغراضِ الناس والمُعتدينَ عليهم.
ويتندرون بالْمُتْخَمِين الذين إذا واتتْهم الفرصة تزوَّدوا بالكثير ولم يقنعوا بالقليل
وما دَرَوْا أنَّ فقر الأخلاق والقيم قاسمٌ مُشْترَكٌ بين الفئتيْن
والأخلاق لا تتأتى بالشعاراتِ والتنظير، إنما بالتنشئةِ والقدوةِ والإقناعِ والتعْويدِ والتثبيت.
هذا ما كان عليه السلف الصالح من الأمة، حين كان الهاجس يبعث على التكافل وتقاسم الرغيف وتعميم العدل والخير إلى حد الإحسان إلى أولئك الذين ينْطبقُ عليهم قوله تعالى :" يحسبهم الجاهل أغنياءَ من التعفف، لا يسألون الناس إلحافا".
كانت التنشئة حازمة صارمة تنهى عن مَدِّ اليد إلى ما لم يصل عن طريق الْكَدِّ والمصدرِ الحلال، وكان الصغار يتأسَّوْن بالكبار، والكبار يتأسَّوْن بخير الأنام، ومن لم يجدْ شغلا التمس له سبيلا بنكران الذات والجد والابتكار.
انْهارَ سدُّ التعفُّفِ والإيثار حين صار الإثراءُ مطلباً، واقتناصُ الفرصة مغنماً،
وصرنا نعيشُ على طِيبِ الذِّكْرى، وكِدنا نحسبُ أن ذلك وَقْفٌ على عهدٍ قدْ مضى وَولَّى.
لوْلَا أن غيرنا ما فتئوا يقدمون الدليل تلو الآخر على أن تخليقَ الحياة العامة والسموَّ بالإنسان قابلانِ للتحقيقِفي أيِّ زمانٍ ومكان، إذا توفَّرت الإرادةُ الجماعية ، والتنشئةِ الهادفة، والتشريعاتُ المُلزِمَة اللازمة.
وصار المغتربون يتحدثون عن ضيعةٍ بها محصولٌ معروض، وميزانٌ موضوع، وسعرٌ مكتوب، في غياب صاحبها، تاركاً لقاصدها أن يتولى الوزنَ والأداء، والاعتدادَ بالأمانة والوفاء.
وتتلاحقُ الدروس والأمثلة في مجالات شتى، تقوم شاهداً على أن الأقطار إن أرادت حققت المراد.
الْعِفَّةُ مَبْعَثُ ثقةٍ ومصدرُ أمان، تتباهى بها الشعوب، وتتمايز بها البلدان، خيرُ ما تُنَشَّأُ عليه الأجيالُ ويسْمُو بالإنسان.