adsense

2018/10/19 - 11:31 م

بقلم عبد الحي الرايس
يَنْعقدُ اللسانُ حين تتقابلُ الصورتان:
- الأُولى لأجْواءِ ما بعد تْسُونامي اليابان بِمَوْجه العاتي، وهَوْلِهِ الطاغي، ومُخلَّفاته العنيفةِ القاسية، من ضحايا ودمارٍ وخراب، كيف سادَ الْهُدوءُ والتضامنُ والاحترام ، وكيف انتظمَ الناسُ في طوابيرَ لا تَدَافُعَ فيها ولا تسابُق، يتزوَّدونَ على قَدْرِ الحاجة، وعند انْطفاءِ الأضواء، يُرْجِعُونَ ما بأيْديهم إلى حينِ عوْدة الكهرباء .
- والثانية لحادثِ قِطارِ بوقنادل بما خلَّفه من ضحايا ومُصابين ومَذْهُولين، كيف كانتْ سُرْعةُ اقتحامِ العرباتِ في لحظات، قبل حُضور الأمْنِ والإسعاف، لا للنَّجْدةِ والمساعدة، ولكنْ للنَّهْبِ والسرقة، وكيف اسْتغلَّتْ بعضُ وسائل النقل الفرصةَ لرفع قيمة الأجْرة عند نقل بعض الناجين في الحادثة، وكيف سُجِّلتْ شهاداتٌ تتحدثُ عن إهمال العنايةِ بالتشوير، وتُفيدُ التقصيرَ في الصيانة.
المفارقةُ تبْعثُ على استخلاصِ الْعِبْرة من :
ـ تجربةِ شعبٍ كُلُّ همِّهِ التعليمُ والتشغيلُ والتخليق، والتحسُّبُ والاستباقُ والتحْصين، ورفعُ مستوى الإنتاج والوعْي والتأهيل.
ـ وواقعِ شعبٍ يعيشُ الفوارقَ الصارخة بين مُثْرينَ، وكادحينَ، ومَحْرومين، انْحسَر عنْدهُ مَدُّ الأخلاق، وبَهَتَ فيه دوْرُ الوازعِ  والمثال، طغى عليه هاجسُ الرِّيع، وباتَ تبريرُ الواقع وتدبيرُ الممكن مُنتهى الطلب، وشعارَ كُلِّ مسؤول.
ولن ينْصلحَ الحال، ولن تستقيمَ الأمور إلا بمصارحةِ الذات، والكفِّ عن التبرير، وإنضاج البديل القائم على التكافل والتضامن، والسهرِ على جودة التعليم ، وتأمينِ فرص التشغيل، ورفعِ مستوى الدخلِ للجميع، والْعملِ على التخليق بتوفير أجواء الشعور بالكرامة، وتقديمِ النموذج والمثال، وتفعيلِ المؤاخذةِ والمحاسبةِعند الاقتضاء، لِلْوَجيهِ والبسيطِ على السواء.
الهَدْمُ نِتاجُ تراكُمات، والبناءُ يقتضي مضاءَ العزم، وتسريعَ البتِّ في الاختيار.
فهل ينْطلقُ الرهانُ لرأْبِ الصدعِ وإصلاحِ الحال، وتداركِ ما فات؟