adsense

2022/09/05 - 1:10 م

أوردت صحيفة "فايننشال تايمز” في افتتاحيتها، أن روسيا حققت تقدما مهما في القارة الإفريقية وهو أمر مقلق، ولو كان الغرب يريد مواجهة التأثير الروسي، فعليه تقديم شيء أفضل مما تقدمه موسكو.

وقالت الصحيفة، إن تحقيق الصين تقدما اقتصاديا ودبلوماسيا وإستراتيجيا كبيرا في إفريقيا، ليس أمرا جديدا على أي شخص. إلا أن تحقيق روسيا هذا الإنجاز بدون أن تنفق ولا روبلا واحدا هو أمر لم يلتفت إليه أحد.

فعلى مدى العقد الماضي، بنت موسكو، وبوتيرة سريعة حضورا ضخما في الكثير من دول القارة الـ54 دولة، وبات تأثيرها حاضرا بقوة وبخبث.

وبدأت حملة روسيا الفولاذية قبل عقد من الزمان، عندما استخدمت العلاقات التي وطدتها أثناء الحقبة السوفييتية وأعادت تفعيلها، ويتم تذكر الاتحاد السوفييتي بحنين كبير في موزامبيق وأنغولا وجنوب إفريقيا، لأنها كانت على الجانب الصحيح من التاريخ، في وقت كان قادة الغرب يشجبون حركات التحرر بينهم نيلسون مانديلا، ويصفونها بالإرهابية.

وعرض روسيا الجديد فج، ودبلوماسيتها منخفضة السعر وغير متناسقة، وتحصد إنجازات سريعة بثمن قليل أو رأسمال سياسي، وتوفر الأسلحة والرقابة للأنظمة الجيدة والبغيضة مقابل الحصول على منفذ للشركات التي تعرف كيفية استخراج الذهب والمجوهرات بدون رقابة شديدة، ومثلت صفقات الأسلحة الروسية لأفريقيا نسبة 44% في الفترة ما بين 2017- 2021.

وفي الفترة الأخيرة، زادت النشاطات الروسية غموضا، ففي جمهورية إفريقيا الوسطى الفقيرة، وقعت شركة المرتزقة فاغنر المرتبطة بشكل وثيق مع المخابرات العسكرية الروسية اتفافية عام 2018، لتوفير الحماية للرئيس هناك ضد الميليشيات التي تهدد العاصمة، واتهمت منظمات حقوق الإنسان، مرتزقةَ فاغنر بضرب المدنيين وقتلهم خارج القانون وتعذيبهم، وتنفي موسكو أي علاقة مع فاغنر، لكن الشركات الروسية حصلت على امتيازات لإدارة مناجم الذهب والماس.

ولو تمت السيطرة على جمهورية إفريقيا الوسطى، فإن مالي تسير نحو المصير نفسه. ففي غشت 2020 وعندما أطاح الجنرالات بالحكومة المدنية العاجزة، ظهر المحتجون وهم يلوحون بالعلم الروسي وصور الرئيس فلاديمير بوتين، وأعلنت فرنسا غير المحبوبة في الشهر الماضي عن سحب قواتها التي نشرتها في مالي منذ عام 2013، عندما أرسلت قواتها لكي تساعد حكومة باماكو على مواجهة الجهاديين، وتم توقيع اتفاقية مع فاغنر لحماية النظام العسكري والحفاظ على الأمن، والتقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان مستشرية.

وتكررت الصورة هذه بتنوعات متعددة في دول أخرى من ليبيا إلى السودان؛ وحتى القوى المتحالفة اسميا مع الغرب تجد معادل قوة في موسكو، فقد تقرب يوري موسفيني الذي يحكم أوغندا منذ 36 عاما إلى روسيا، ففي أثناء زيارة قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال موسيفيني إن "روسيا كانت معنا طوال المئة عام الماضية".

وترى الصحيفة أن الدول الأفريقية التي عانقت موسكو تلعب بالنار، فالديكتاتوريون سعيدون لما تقوم به موسكو من الضغط على المجتمع المدني وقمع التظاهرات، لكنها لا تقدم أي شيء يقترب من نموذج للتنمية.

ويظل تأثير الصين، رغم ما يقوله أعداؤها، إيجابيا؛ لكن هناك مخاوف من أن تجد بكين مصالحها متقاربة مع موسكو لمواجهة الدعاية الغربية المضادة.

وعليه، فهناك واجب على أوروبا والولايات المتحدة لعرض شيء أفضل، وهذا يعني دعم المجتمعات المفتوحة، وتشجيع عمليات التحول في القارة من خلال نشر التصنيع والتخلص من الاعتماد على السلع غير المصنعة وهي نتاج الفترة الاستعمارية.

وعادة ما يتسم الجهد الغربي بالقصور، فالتدخل العسكري في ليبيا ساعد على الإطاحة بمعمر القذافي، لكنه أطلق العنان لعاصفة في منطقة الساحل، ولا يوجد لدى أوروبا التي تحتاج للعمالة سياسة متماسكة من الهجرة، وعادة ما تدفع الشركات الغربية التي تعمل في مجال التنقيب، الرشاوى وتعمل على تخريب البيئة.

ويجب على الغرب أن يرفع من مستوى اللعبة، وعليه أن يلتفت وبشكل عاجل إلى القارة التي ستصبح بحلول عام 2050 مسكنا لواحد من كل أربعة يعيشون على الكرة الأرضية، ولو لم يفعل، فلن تتورع الصين وغيرها عن فعل المزيد.