adsense

2022/08/08 - 2:49 م

بقلم عبد الحي الرايس

من حميد العادات يتحرَّر، ومن سامي القيم يتحلَّل، يرتاد الشواطئ والغابات، ومُختلِفَ الفضاءات، فيُحيلها إلى مراتع للنفايات، وقد يطهو مُخلفاً ناراً تحت الرماد، متجاهلا ما قد ينجم عنها من حرائق ودمار، وفي التساكن لا يتورع عما يُزعج الأسماع ويُؤذي الأبصار، مُستهيناً بما تقتضيه حُرمة الجوار، وعند الاختيار ينساق مع إغراء اللحظة، ويتناسى ما جرَّهُ عليه إخلافُ الوعود وزيْفُ الخطاب.

ما عاد الصغير يأبه للكبير، ولا أضحى للمأكل والملبس عاداتٌ ولا تقاليد، أما الأغاني ومسلسلات الترفيه فتنأى به ببذيء القول وسيِّء الفعل عن سواء السبيل.

وفي غياب تكافؤ الفرص وتقدير الكفاءات تتنامى وتتكاثر هجرة الأدمغة إلى ديار تجد فيها الاستقرار والأمان رغم مشاعر الاغتراب.

وتسأل عن الأسباب، فتجد طغيان الأمية، وضيق ذات اليد، وانتفاء القدوة أصل كل الأدْواء، يُتوِّجُ ذلك تهافت مُدبِّري الشأن العام على مصادر الريع، ولامبالاتُهم بما يطرأ على المجال، ويهوي بقيم الإنسان.

والحال أن في بعض البلاد أميةً تنتفي، وعدالةً اجتماعية ومجالية تسود وتُعمم، ومحاسبة حازمة تلازم المسؤولية، فابن الوجيه على نفس مقعد الدراسة مع ابن الأجير، والمسؤول الكبير يرتاد الأسواق كسائر الناس، ويأخذ دوره في الصف الطويل، ويوثر التنقل بدراجته الهوائية لقضاء أغراضه ونحو مقر عمله.

بين تماسُكِ مجتمعٍ وارتقائهِ سُلَّمَ الحضارة ومدارجَ النماء، وبين تفسُّخ آخر وسقوطه في مهاوي التخلف والضياع، تنشئةٌ  تُعنَى أو تستهين، وعدالة تحضر أو تغيب، وإرادة تُفَعَّلُ أو تستكين.