adsense

2020/04/04 - 4:54 م

بقلم عبد الحي الرايس
تطويقُ الأزمة، والمسارعة إلى تدبير اللحظة يَنِمُّ عن تَحَسُّبٍ واسْتباقٍ وبُعْد نظر، وهو مَحْمَدَةٌ يُرْجَى لها أن تدفع البلاءَ وتُسْفِرَ عن مَنْفعَة.
وحُضُورُ البديهة يُمْلِي، وسرعة المبادرة تُجْدِي، ولكنها تظل محدودة الأثر إذا لم ينبثقْ عنها تدبيرٌ مُستدام.
ـ تم إحداثُ صندوقٍ لمُواجهة الجائحة، وحَظِيَ بتجاوبٍ واعتماد، وحقه أن يستمرَّ ويتواصلَ لَهُ الإمْداد من القاصي والداني وكُلِّ غيورٍ على البلاد.
ـ وسُلِّطتِ الأضواءُ على دَوْرِ الصحة في التصدي للجائحة عبر المشافي العموميةِ والخصوصيةِ والعسكرية، وكفاءاتِها وأطرِها الْمُختلِفة.
وهي فرصة لِرَفْع درجةِ الاهتمام بهذا القطاع، وإطلاق إصلاحاتٍ عامةٍ شاملة، تبدأ من مراجعة الميزانية المخصصة للصحة لينسحب الأثر على المستشفيات، وأقسام المستعجلات والإغاثة الفورية بسيارات الإسعاف المجهزة والمروحيات، وعلى كليات الطب والبحث العلمي، وأجور كافة العاملين في المجال حتى يصير العلاج في متناول كافة المواطنين على السواء، وفي مستوى يليق بكرامة الإنسان.
ـ وأدرك الجميع أهمية التعليم، ودورَ المدرسة، ومكانة الأستاذ، حين اعْتُمِد التعليمُ عن بُعْدٍ بوسائطَ مختلفةٍ فأفَاد، ولكنه لمْ يَحُلَّ مَحَلَّ الفضاءِ المدرسي، والإطارِ التفاعلي الْمُراعِي للفوارق الفردية، وللدور التواصلي والتأثير الروحي للأستاذ.
وهذا ما يُمْلي إيلاءَ التعليم وحاملِ مِشْعلِه الأستاذ، المكانة السامية، والاعتبارَ الأول، لِدَوْرِهِ الذي ينبغي أن يُمَجَّدَ ولا يُجْحَد، في تأهيل الأجيال، لكل إنتاج وإبداع، والتحريرِ من الأمية، ورفع درجة الوعي والدفع بعجلة التنمية.
وكل ذلك يقتضي خَصَّهُ بميزانيةٍ تُحقِّقُ المدرسة العمومية الوطنية، والجامعة المغربية قاطرة التنمية، وتَحْفِزُ البحثَ العلمي مُنيرَ الطريق، وجذوةَ الإقلاع، وضامنَ الازدهار، وتَمْنحَ الأستاذية وكلَّ الأطر العاملةِ والمُنتجة وافرَ الأجْر وسَامِيَ التقدير والاعتبار.
وأخيراً وليس آخراً صرفُ الاهتمام إلى المواطن المغربي الْمُشرَّدِ والعاطلِ والأُمِّي الذي تَمَّ إلحاقُهُ مؤخَّراً بمراكز الإيواء حتى لا يكونَ سبباً في تفاقم انتشار الوباء، هذا المواطن آن الأوانُ للحرص على إحصائه، ووضعِه في بُؤرة الاهتمام، حتى يُعمَّمَ التعليمُ ويُلزَمَ به الجميع، وحتى يتوفر الحدُّ الأدنى للأجر لكل عاطل لم تتوفر له فرصة التشغيل.
وكلُّ هذا وذاك يظلُّ رهيناً بمراجعة الاختيارات، وتقليصِ الفوارق بين الطبقات، وتَسابُقِ الجميع لدعم مُسلسلٍ جديدٍ للإقلاع وتصحيح المسارات.
فهل يتحققُ الْحُلْمُ بتسريع الانتقال إلى تدبيرٍ مُستدام، يُعْلَنُ عنه مُنْذُ اللحظة، وينطلقُ من عُمْقِ الأزمَة ؟