adsense

2020/03/20 - 4:26 م

بقلم الأستاذ عبدالغني فرحتي
أمام اجتياح وباء كورونا للأغلبية الساحقة من دول العالم، قويها وضعيفها، وأمام التدابير الآنية والاستباقية التي بادرت إليها السلطات المغربية سعيا وراء تطويق هذه الجائحة، أرى أننا مطالبون بأن نتسلح بالنظرة الإيجابية لواقعنا ومجرياته. نظرة ستقوي، بلا شك، طاقتنا على مواجهة الوباء وتداعيته.
 أجل، إن بلادنا والعالم برمته، يجتاز مرحلة عصيبة ويعاني مرارة أزمة حقيقية، غير أنه، ومع ذلك، هناك العديد من العبر التي ينبغي أن نستخلصها من هذه الأزمة. لا يمكن أولا إلا نسجل التعامل الإيجابي للسلطات المغربية، بمختلف مستوياتها، مع هذا الخطب الجلل. تجسد ذلك في الصندوق التضامني الذي دعا عاهل البلاد إلى إحداثه والذي يعرف تجاوبا كبيرا من طرف العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية وكذا من طرف العديد من الهيئات المهنية والأشخاص الذاتيين.
 ويبقى من أهم ما يمكن أن يترتب عن هذا الانخراط في هذا الورش التضامني هو إعادة الثقة بين الدولة والمواطن واستنفار مختلف الطاقات والفعاليات من أجل إنجاحه. لقد تأثرت كثيرا وأنا أتابع، على موجات إحدى المحطات الإذاعية الوطنية، تدخلا لمواطن، يعمل كسائق في إحدى المؤسسات الإنتاجية التي توقفت بسبب الوباء، التدخل الذي أعلن فيه أنه يضع نفسه رهن إشارة المصالح الصحية أو غيرها، من أجل المساهمة في دعم مجهودات السلطات المغربية الهادفة إلى محاصرة فيروس كورونا. هذا مثال ساطع، وغيره كثير، كمبادرة مؤسسة طبية في ملكية القطاع الخاص، إلى وضع مرافقها وطواقمها رهن إشارة وزارة الصحة، كل ذلك يكشف بوضوح عن حقيقة أنه مع استرجاع منسوب الثقة في الدولة وسلطاتها، تنفجر الطاقات وتتحرر العزائم وتتعدد المبادرات على مختلف الأصعدة.
 لقد عبر عن هذه الحقيقة، بمبادرة جميلة على الصعيد الفني، تتفاعل مع الحدث، الفنان الموسيقار نعمان لحلو حين طلع علينا بأغنية رائعة تتغنى بهذه المبادرات الإنسانية القيمة، اغنية تقول لازمتها:   " كان وكـان يا ما كان      كورونا صبحت عنوان
                                   وقت الشدة فينا طيبة      فينا معـــدن لازم ايبان"
 لقد دخلنا مرحلة حاسمة وفي غاية الدقة تدعونا إلى تجاوز اختلافاتنا وتناقضاتنا. التناقض الأساسي حاليا هو مع هذه الجائحة. لذلك نحن مطالبون، كل من موقعه، وبحسب الإمكانيات المتاحة، أن نتحد وأن نجسد، بالقول والفعل، مشاعر التضامن والتآزر. إننا نثمن عاليا مبادرة أشخاص ذاتيين وفعاليات جمعوية، بما في ذلك الألترات الرياضية، إلى دعم الأسر الفقيرة ومدها بالحاجيات الغذائية الضرورية.
الخطب جلل ومواجهة انعكاساته يتطلب أولا الالتزام بالتوجيهات التي فرضتها السلطات والتي على رأسها البقاء في المنزل وتفادي الخروج إلا عند الضرورة القصوى. إضافة إلى اتخاذ كل مبادرة، من شأنها أن تدعم هذا الورش التضامني الكبير, فنحن، وكما غرد نعمان لحلو:  " وقت الشدة فينا طيبة      فينا معدن لازم ايبان ".