adsense

2019/05/20 - 8:29 م

بقلم عبد الحي الرايس

أرواحٌ تُزهَق، ومآسٍ عنها تترتَّب السرعة تقتل، مَقُولةٌ تتأكَّد وما حدث بطنجة عشية السبت 18 ماي 2019 على طريق أشقار يَسْتدعِي الوقوفَ والاسْتيقاف للمساءلةِ والمراجعة،  ولا يَكْفي معه إزاحةُ جثامين، وإغاثةُ مُصابين، وتسجيلُ محاضر، وتنظيفُ طريق، ليصير الموضوعُ بالبال، ولينضافَ عددُ الضحايا إلى الحصيلة الأسبوعية للحوادث:
سيارةٌ تنْفلِتُ من اتجاهٍ لتصْدِمَ دراجاتٍ قادمةً من الاتجاهِ الآخر، تُضْرِمُ النيران، وتُسْقِطُ لِلتَّوِّ قتْلَى، وتُخلِّفُ جرحى على الطريق، وفي التحليلِ والتعليق يُكْتفَى عادة بتأكيد مسؤوليةِ العنصرِ البشري بنسبة 80 % ويزيد.
ويتمُّ ترديدُ اللازمةِ الْمُعتادة: أن السبيلَ إلى العنصر البشري تربيةٌ وتوعية، وزجْرٌ وتغْريم، وتتعدَّدُ الحلقاتُ التحسيسية، والوصلاتُ الإشهارية،  وتتنوعُ وسائلُ المراقبة، ويظل انتظارُ تغييرِ السلوك سَيِّدَ الميْدان.
فلنتأملْ ما حدثَ ويحْدُثُ باستمْرار:
طريق أشقار بطنجة وغيرها من الطرق كانت ضيقةً فكانت الحوادثُ بها معدودة، ومخلفاتُها محدودة
تمَّ توسيعُ الطريق، وشوارعَ أخرى بالمدينة، وأُزيلَ ما كان ببعْضها من فواصل، فصارت حلَبَةً للسباق، واكْتُفِيَ بصباغة خطين وسط الطريق ، فلم يعُدْ ثمة أيُّ شريطٍ مركزي يفصل بين اتجاه واتجاه، وصار التجاوزُ الْمَعِيب، والانعطافُ المُفاجئ، مُتاحَيْن مُمْكِنيْن، وعند حضور المراقبة تُسَجَّلُ الْمُخالَفة، وبها يُكْتَفَى.
لِلْعِبْرَة: بلغ عدد ضحايا الحوادث على الطريق سنة 1989 بمدينة شامبيري بجنوب فرنسا 332 قتيلاً، مما بعث المسؤولين على تجاوز حدود التحسيس والتغريم، ليُقرِّرُوا إعادة النظر في الأسباب، فأدخلوا الفضاء الطرقي كعامل يمكنُ إعادة تهيئته، ليُسْهِمَ في الحدِّ من  الحوادث، وما يَنْجُمُ عنها من مَآسٍ وكوارث، فماذا كانت النتيجة؟ انخفض عددُ القتلى إلى 38 سنة 2006 ، واستمر الرهان على الحد من الحوادث وربح الأرواح.
بالرباط والبيضاء والمحمدية "حاشيةٌ مطاطية" تُعزِّزُ الخطيْن المتصليْن، وتُقِيمُ حاجزاً مادياً يفصلُ بين الاتجاهيْن، يَحُولُ دون تجاوُز الْمُتسَرِّعين، والانعطافِ المفاجئ للعابثين.
فلماذا تغيبُ هذه الحاشية الفاصلةُ في طنجة وفاس ومدن أخرى هي أحْوَجُ ما تكون للحد من اندفاع المندفعين، واستهتار المستهترين؟ !
الحدُّ من خسائر الأرواح رهانٌ لن نربحه بالتمني والانتظار، ولكن باتخاذ تدابير الوقاية، وتفعيل دليل معايير السلامة.