adsense

2015/01/24 - 3:42 م

  

     في عمر متقدم ، 79 سنة ، بويع الملك سلمان بن عبد العزيز ملكا للسعودية و خادما للحرمين الشريفين بعد صلاة العشاء ليوم الجمعة 23 يناير 2015 من قبل الموطنين في قصر الحكم في الرياض . و عرف عنه أنه رجل الإطفاء في العائلة الملكية، و الحاكم بين أفرادها، و مدلل صراعاتها.... تولى عدة مناصب عسكرية و سياسية، آخرها وليا للعهد بتاريخ 18 يونيو 2012. 

   و فور وفاة أخيه غير الشقيق الملك عبدالله، و قبل دفنه، كانت جملة من قرارات الملك الجديد جاهزة لتثبيت، حسب المتتبعين، الملامح الأولية لخريطة الحكم؛ أبرزها تنحية السيد خالد التويجري من مهامه الحساسة ( رئيس الديوان الملكي و رئيس الحرس الملكي) و كذلك تعيين ابنه محمد بن سلمان وزيرا للدفاع و رئيسا للديوان؛ و محمد بن نايف بن عبد العزيز و ليا للعهد. بهذه الإجراءات عمل على تثبيت أبرز إثنين من جيل الشباب في الجناح الموالي له، و بالتالي سيكون طبيعيا أن تثير مثل هذه الإجراءات إعجاب البعض و تستنفر حساسية البعض الآخر و ربما تستميل رضا و مباركة أطراف خارجية أخرى.

حكم العاهل السعودي الجديد، لاشك أنه سيواجه تحديات داخل الأسرة الحاكمة، و سعيا وراء إيجاد توازن داخل البيت الملكي، سيكون عليه تقسيم الكعكة ، كعكة الحكم ، بشكل يرضي جل الأطراف باعتماد تعيينات مجموعة من الأمراء تفاديا للحزازات  و التوترات و ضمانا لأولولية الاستقرار داخل البيت الملكي و بالتالي إقصاء وإبعاد المؤامرات و التي غالبا ما يكون عنوانها الاستقواء بالخارج.

   أما التحديات التي ستواجهه على المستوى الداخلي، فمنها ما هو ا قتصادي و يثمتل في انخفاض الدخل بسبب أسعار النفط ، و ارتفاع البطالة ونمو ظاهرة التطرف الأيديولوجي القريبة من" القاعدة" و التطرف الفكري القريبة هي الأخرى من الفكر السلفي لـ" الدولة الإسلامية" المعروفة ب "داعش". أضف إلى ذلك ، تزايد الاحتجاجات الداخلية و الخارجية لإعطاء مزيد من حرية المرأة ( قانون المملكة لا يجيز للمرأة أن تقود السيارة). و أيضا، التضييق على حرية التعبير بدريعة مكافحة الإرهاب ...... 

  و فيما يتعلق بالتحديات الخارجية، فالملك ـ سلمان ـ سيواجه لا محالة تحديات أمنية و سياسية متشابكة: فشمال المملكة أضحى في تماس واحتكاك مع تنظيم " داعش" في كل من العراق و سوريا، بينما بات خطر الحوثيين " الشيعية" يتعاظم في جنوب المملكة في اليمن، فيما أضحت إيران قوة نووية و عسكرية إقليمية تندر بخلل في توازن القوى و التي تتمظهر بالوضوح بتوغلها في البحرين ، العراق ، سوريا و لبنان. 

      المملكة العربية السعودية لها ميزة خاصة من الناحية العقائدية الإسلامية ، فهي التي ترعى و تحتضن و تمول مجموعة من الأنشطة الدينية في مختلف البلدان الإسلامية ، و تعتبر قبلة المسلمين و حاضنة مقدساتهم ( مكة و المدينة) و راعية الجماعة ( أهل السنة) . كما أن مكانتها الاقتصادية جد مؤثرة في التحكم في أسعار البترول ( أول منتج عالمي). زيادة على أنها لاعب مركزي و أساسي في توازن القوى مع الجارة إيران "الشيعية" و تعد من المهندسين الفاعلين في صياغة سياسة الشرق الأوسط.... 

      الأيام القادمة حبلى بمتغيرات جذرية للمملكة ، و لا شك أنها الآن تقف على أعتاب مرحلة انتقالية جديدة: العاهل الجديد ،بالكاد، سيقدم على تغيير سياسة بلاده في الملف السوري ، و يعمل على تطوير علاقته مع مصر بحكم أن ( الأمير ) الملك سلمان هو من كان يدير الملف المصري ، كما أن علاقته مع دولة قطر ستشهد تغييرا أكثر و ضوحا لرسم خارطة طريق لإعادة علاقات متكافئة ضمن استراتيجية سياسة دول الخليج....

المصطفى منعوت