adsense

2015/01/18 - 12:37 م





سامي سلمان
عيد سعيد ياسمين ...
في مثل هذه اللحظات والساعات من العام 2011 كانت تطارد الذين حاولوا هتك عرضها وإغتصابها طيلة 55 سنة كانت تجري هنا وهناك بكافة المناطق والأحياء تصيح وتهتف بهلاك الذين حاولوا اغتصابها وكانت ترفع الشعارات ضد كبيرهم الذي علمهم الاغتصاب وعلمهم الظلم والعنصرية ... صيحات اختلطت فيها مشاعر الغضب والخوف بمشاعر الفرح بقرب الفرج ووضع حملها ... صيحات امتزج فيها الشعور بألم ما تعرضت له من محاولات اغتصاب وهتك عرض بالشعور بالأمل والفرحة لظهور " العلامات الكبرى " لاقتراب لحظة الوضع والولادة ... وزحفت بكافة المناطق والأحياء والشوارع الرئيسية وزحفت بالساحات الكبرى ... قررت أن تضع حملها بالساحات العامة أمام مراى الجمهور والكاميرات والصحافة بذلك فرضت على الجميع من صحافيين ومتفرجين وجمهور أن ينوبوا عنها في التصريح بوضع حملها ... وفي الخامسة وبضعة دقائق من عشية 14 جانفي 2011 اشتد بها ألم الحمل والولادة وتعالت صيحاتها أكثر فاكثر حتى لحظة الخلاص حيث وضعت حملها " ثورة مباركة " اهتز لها " عرش الطرابلسية " فهرب كبيرهم الذي كانت تنعته لحظات قبل وضح حملها بالجبان تصيح " بن علي يا جبان شعب تونس لا يهان " ... واجتمع الأهل والأصحاب أمام " غرفة العمليات " التي كانت العصابة تسميها وزارة الداخلية لاعلان الولادة و زغردوا وكبروا واتفقوا على تسمية المولودة " ياسمين " ... ياسمين ولدت ككل مولود تصيح 
باكية ربما من ألام ما تعرضت له من محاولات إغتصاب وهتك عرض وعنف وربما بكاء الفرح والفرج ... وعمت الفرحة بولادتها خاصة وقد ظهرت مع ولادتها بشائر الحرية والكرامة وزلزلت الأرض تحت أقدام العصابة فهربوا الى الجحور والحفر التي خلفها الزلزال وتخبوا مع الجرذان والديدان خاصة لما بلغهم نبأ هروب كبيرهم الذي علمهم الظلم ... " ياسمين " سرعان ما أخذت " تحبوا " على رجليها ويديها تحبوا بصعوبة ولكن بفرح وأمل ... ثم مشت منتصبة القامة بطريق " المستقبل " فوجئت به طريقا مليئا بالألغام والأشواك " والاضرابات العشوائية " في ظاهرها مطالب عمالية وفي باطنها " محاولات فلولية للاطاحة بياسمين " وهي تحبوا في طريقها بصعوبة حبو كل رضيع في أيامه وشهوره الأولى ... واستمرت في الحبو مرة والمشي مرة أخرى ومرة تقع فتحميها " الملائكة " ككل رضيع يقع وتحميه الملائكة من كل سوء ... وكانت ككل رضيع ترضع الحليب من ثديي والدتها حليبا ممزوجا بالكرامة والنخوة والحرية يقويها ويشد عودها فتقوى على مقاومة الفيروسات التي كانت تهاجمها وككل رضيع تلقت ياسمين " لقاحات " ضد الأوبئة لقاح ضد وباء الدكتاتورية ولقاح في الشهر السادس ضد وباء الظلم ثم اللقاح المضاد لفيروسات " الفساد " وسرقة ثروات الشعب ... وكانت تتمنى لو تلقت لقاحات أخرى تقوي مناعتها لكن فوجئت بالمستشفيات والصيدليات في حالة إضراب أعلن عنه ' اتحاد الشغل ' دون أن يأبه لحاجة ياسمين لتقي اللقاح في الوقت المناسب ودون أن يأبه لجسمها وضعف مناعتها بسبب ماعانت منه وهي في " الحمل "قبل الولادة ... ورغم كل ذلك احتفلت بعيد ميلادها الأول وهي تحمل ذكريات الخوف والرعب ... وتبتسم فرحة لتخلصها من الجلاد دون رجعة ... وفي عامها الثاني ككل رضيع عانت من بدايات فطامها .... وقرر اهلها " التروكيين " أن حب ياسمين لا يعميهم عن فطامها لتستقل بقوتها وامنها وشخصيتها ... وفطمت ياسمين وكلها حب وصدق وإخلاص وحرية وكرامة ... وصبر وتضحية ... واضطرت الترويكا الى ترك ياسمين بطريقها مستقلة حتى تساعدها على تكوين شخصيتها ... وطل الجرذان من حفرهم على ياسمين تمشي في طريقها بكل عنفوان ونخوة ولما راوها وحيدة مفطومة طمعوا مرة أخرى في اغتصابها واشتاقوا لعهدهم البائد فاجتمعوا بسقيفة " قائدهم " وركبوا اقنعة جديدة تخفي معالم وجوههم الحقيقية وارتدوا أزياء تنكرية بعضهم زي " الصحافي " وبعضهم زي " المذيع " واخرون زي " المثقف " وأخر زي " رجل الدين " واخريات لبست قناع الضحية ... وانتشروا يتاهبون للنيل من ياسمين والبطش بها ... وسقطت ياسمين من الرعب والخوف ... الخوف من عودة جلادها مغتصبها وسرعان ما وقفت شامخة خطبت في الجمهور ذكرتهم بقسمها " والرب المعبود التجمع لن يعود " ... واستمرت في طريق البناء والتصحيح تعلمهم أنها " حب " لا كره فيه ... وحرية لا عبودية فيها ... وكرامة لا ذل فيها ... ومبادءى لا استثناءات فيها ... وككل طفل في أعوامه الأولى تفرح ياسمين باللعب ولعبتها المفضلة اسمها " لعبة الديمقراطية " وعلمتهم أن مبادءها تجعلها تقبل قواعد لعبة الديمقراطية وأن تكون الثانية في السباق أو الثالثة أو الرابعة ... ولعلها أحيانا تتعمد ألا تربح اللعبة حتى تعطي للاخرين درسا في " لعبة الديمقراطية " وأنها تقبل أن لا تكون هي الرابحة بالضرورة على أمل أن يتعلموا اللعبة ويتعودوا عليها لتكون بالفعل لعبة شعبية يشارك فيها الجميع ... ياسمين وهي تلعب تبقى حذرة لعدم المس بمكاسبها ولقاحاتها وهي الحرية الكرامة والعدالة ... اليوم ياسمين في ذكرى ميلادها خاطبت أهلها أنها لاتزال في سن الطفولة وطلبت منهم ألا يطلبوا منها أكثر من جهدها " وألا يحملوها ما لا طاقة لها به " ... وأنها في الطريق الصحيح ماشية بخطى ثابتة منتصبة القامة مرفوعة الهامة وفي عيد ميلادها جددت ياسمين القسم " والرب المعبود التجمع لن يعود " بوعد صادق أن عجلة التاريخ لن ترجع للوراء وأن الجلاد لا مكان له بأرض الياسمين ... وانها طيبة كريمة مسامحة ولكن لن تكون مغفلة ولا سفيهة ... عاشت تونس حرة مستقلة بثورتها رغم كيد الكائدين ولا عاش في تونس من خانها ... وعيد ميلاد سعيد ... ... ودائما تونس حرة حرة والتجمع على برة ... ورحم الله شهداء تونس ولعن الله القناصة الذين قتلوهم ... رحم الله البوعزيزي ... رحم الله الأزهر الشرايطي ... رحم الله علي النفاتي ... رحم الله محمد الدغباجي ... رحم الله شهداء ثورة الخبز جانفي 1981 ... ورحم الله جميع شهداء ديسمبر 2010 وجانفي 2011 وشفى الله الجرحى ... وعيدكم مبروك ...