adsense

2019/06/19 - 12:59 م


بقلم عبدالمطلب اعميارعضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة
على عكس الادعاءات والتأويلات المغلوطة التي تم الترويج له في سياق انعقاد ما سمي" باللجنة التحضيرية" بأكادير، وبعد الاطلاع على منطوق الأمر القضائي رقم 417 الصادر بتاريخ  2019.06.14،بناء على المقال الاستعجالي الذي تقدم به السيد حكيم بنشماش بصفته أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، يتبين ما يلي:
1.أن المحكمة استندت بوضوح على المادة 43 من النظام الأساسي للحزب.واعتبرت أن " المكتب الفيدرالي الذي يترأسه الأمين العام للحزب هو الذي يبث في التوصيات التي تحال إليه من طرف لجنة التحكيم والأخلاقيات". ومدلول هذه الإحالة القضائية لا ينتصر للنظام الأساسي للحزب فقط، بل يلقن درسا قضائيا للفاعل السياسي(بعيدا عن لغة الغالب والمغلوب، أو منطق الرابح والخاسر) على اعتبار أن هذا التفسير القضائي كاف لوحده  لتبرير رفض الطلب المتعلق بمنع الاجتماع المنعقد بأكادير باسم اللجنة التحضيرية، على اعتبار أن المكتب الفيدرالي ، كمؤسسة حزبية، هو المخول له قانونا للبث في  التوصيات المرفوعة له من قبل لجنة التحكيم والأخلاقيات. ولأن المكتب الفيدرالي لم يتداول بعد في توصيات هاته الأخيرة، فان منطوق الأمر القضائي يعني أن المحكمة تستند بالأساس على اختصاصات الأجهزة الحزبية في الموضوع.وهذا الاجتهاد القضائي له أهمية بالغة لأنه يعيد الفاعل السياسي إلى منطق القانون الذي صاغه هو بنفسه. بل انه يحسم مسبقا جوهر الخلاف المتعلق باللجنة التحضيرية بالرجوع إلى النظام الأساسي للحزب .
2.أٌقر الأمر القضائي بأنه " بعد الاطلاع على وثائق الملف يتبين بأنه لايوجد به ما يفيد بأن المكتب الفيدرالي قد بث في موضوع النزاع المتعلق بالمدعى عليه واللجنة التحضيرية أو حسم فيه أو صدر بشأنه قرار...". وهو ما يعني عمليا بأن المقرر القضائي ينتصر لمنطق المؤسسات بقوله الصريح بأن موضوع اللجنة التحضيرية لم يصدر بشأنه أي قرار من لدن المكتب الفيدرالي. وهذا أمر طبيعي مادام أن تقرير لجنة التحكيم والأخلاقيات لم يعرض بعد على أنظار المكتب الفيدرالي للبث فيه.
3. إن أمر"إحالة طرفي النزاع على المحكمة المختصة للبث في جوهر النزاع" لا يحتاج لتأويل لأن صيغته القضائية واضحة باعتبار أن جوهر الخلاف  المتعلق بمدى قانونية اللجنة التحضيرية لم يبث فيه القضاء الاستعجالي.وإلا ما معنى دعوة الطرفين إلى القضاء المختص للبث في هذا الموضوع؟. وعليه، فمن يدعي بأن الأمر القضائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير يشرعن الحديث عن قانونية اللجنة التحضيرية لا يعدو أن يكون تأويلا خاطئا لا يستند على أية أساس قضائي.
ويتضح مما سبق بأن الحديث عن شرعية اللجنة التحضيرية أو قانونيتها مسألة غير صحيحة على الإطلاق، وهو نقاش مغلوط من الأصل. وأن السماح بعقد الاجتماع لا يعني الاعتراف القانوني باللجنة التحضيرية مادام أن موضوعها موكول عرضه على القضاء المختص وفق منطوق  الأمر القضائي نفسه.ومادام أن الأمر القضائي يعتبر بأنه " لاتوجد أي حجة على عدم مشروعية الاجتماع"، في زمنه الاستعجالي ، لحظيا وظرفيا، فهذا الأمر ليس اعترافا باللجنة التحضيرية كما صرح أحد الأعضاء في قناة تلفزية عمومية، بل إن الحيثيات التي اعتمدها القضاء تفند هذه الادعاءات الزائفة.
4. إن تنصيص الأمر القضائي على أن "المكتب الفيدرالي الذي يترأسه الأمين العام للحزب يبث في التوصيات التي تحال عليه من طرف اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات"..، " وحيث انه بعد الاطلاع على وثائق الملف يتبين أنه لا يوجد به ما يفيد بأن المكتب الفيدرالي قد بث في موضوع النزاع المتعلق بالمدعى عليه..". هذا التنصيص قد يفسر، لوحده، منطوق الأمر القضائي القاضي برفض الطلب. غير أن هذه الحيثيات والتفسيرات القضائية لا تنتصر فقط للقوانين التنظيمية للحزب وترجع النقاش إلى أصله، بل ترسم لمسار الخلاف القائم بخصوص اللجنة التحضيرية  كل مسالكه القانونية المشروعة بمنطق القانون.
4.وأخيرا، أعتبر بان لجوء أمين عام حزب سياسي إلى القضاء، سواء كان حكيم بن شماش أو غيره، يعتبر سلوكا مؤسساتيا راقيا، واحتكاما لمنطق دولة الحق والقانون، فضلا عن أن الأمين العام بموجب المادة 39 من النظام الأساسي هو المسؤول على السهر العادي للحزب ويمثله أمام المحاكم. وبالتالي ، إذا كان البعض ينتقد لجوء الأمانة العامة للقضاء الاستعجالي لطلب منع اجتماع ما يسمى باللجنة التحضيرية المنعقدة بأكادير ، فان الأمر، على عكس ما يدعيه البعض، يعتبر خيارا لمنطق اشتغال المؤسسات الدستورية في إطار فصل السلط التي ينادي بها الحزب باعتبارها إحدى دعامات دولة الحق والقانون. وهذا لوحده يشكل رسالة للفاعل السياسي، من مختلف المواقع، سيما عندما يصرهذا الفاعل نفسه على خرق قوانين الحزب، وتجاوز منطق القانون الذي ينظم اشتغال الحزب بوصفه مؤسسة عمومية، سواء في علاقاته الداخلية، أو في صورته العامة لدى الرأي العام، ولدى مختلف الفرقاء.
فدروس القضاء الاستعجالي ليست مواد عابرة للتأويل القانوني لهذا الطرف أو ذاك، بل هي محطة تعيد طرح الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالمشروع السياسي للحزب في علاقته بالقانون وبالأخلاق وبالمؤسسات وبالمشروع الديمقراطي الذي ندافع عنه في كل أبعاده، الخاصة والعامة. وكلها مداخل من صميم التحولات الجارية داخل الحزب على درب إعادة البناء والـتأهيل.والقضاء مدخل من هذه المداخل.