adsense

2017/08/26 - 2:29 ص



بقلم الأستاذ حميد طولست


لست بكائن انطوائي ولا غير اجتماعي ولا مريض نفسي ، كما يتوهم الكثير من المحيطين بي والذين يقدم لي بعضهم النصح  بالخروج من بوتقة العزلة التي أحيا فيها لأصبح منفتحا اجتماعيا ، كم هم واهمون أولئك الذين يظنون بي ذلك الظن ، ويعتبرون أني إنسان انطوائي وشخص غير اجتماعي، و لا أحب الناس ، وأكره الظهور العلني ، و كل ما في الأمر أني أحب التفرغ لهوايتي وعشقي ،"الكتابة" ، الذي أحبذ في كثير من الأحيان أن يكون في صمت وبعيدا عن الأعين ، ويقلقني الإنفصال عنها ، ويصيبني الرهاب الشديد لمجرد التفكير في التخلي عن إقتراف فعلها ، وأمقت أن يقاطعني أحد أثناء اندماجي في طقوسها ، التي تغنيني عن ضرورة الظهور العلني للجمهور ، حتى أني فكرت مرارا في تعليق لوحة تنبيهية على باب غرفتي تشرح لمن حولي ، أني لا أريد لا أن آكل ولا أن أنام ، ولا أرغب في التكلم مع أحد ، حين أكون بصدد الكتابة ، التي لا أطمح من ورائها لا الظهور ولا جذب الأنظار ، مادامت هي وسيلتي الفضلى للتواصل مع الناس ، وحل بعض من مشاكلهم ، لو هي خرجت للوجود ، وقرأها الناس أجمعين ، السبب الذي يمنعني عن التوقف عن إتمام ما أبدأ منها ، وأواصل إتمامه ضدا في كل الظروف ، ورغما على جميع الأوضاع ، حتى غير الصحية منها والتي تتسبب لي في آلام الرقبة والكتفين وأوجاع الظهر، التي ينسينيها كم السعادة التي يغمرني بها الاستمرار في الكتابة في أي مكان أتواجد فيه ، وحتى لا اتوقف عن فعلها ، لا أغادر البتة ترك منزلي بدون حاسوب، ولا أسافر إلا بحقائب ثقيلة ، لأكتب متى وأينما فاضت قريحتي ، ونشط شيطان إبداعي ، واستمرت قهوتي المركزة في إثارة حواسي وإدكاء أحاسيسي بما يكفي لمصاحبة مخاض مقالاتي ، التي يكون محبطا أن تنفذ قهوتي قبل أن أكمل بدأت منها مع أول رشفة ، وتخرج للوجود شكلاً جديداً أو نمطاً جميلاً من الإبداع الممتع ، حتى لو لم تحدث شرخا في العلم ، ولم تكسف بالشمس ، ولم تخسف بالقمر ، ولم يهتم بها أحد غيري ، والأكثر إحباطا من ذلك ، والذي أشعر معه بالحزن الكبير ، والغضب العارم ، والخسارة التي لا تعوض ، حين يطلب مني من لم يتذوق لذة الكتابة ومن لم يعرف متعتها ، بأن أقوم بشيء أنفع منها ، وكأنها ليست غير مجرد تصفيف للحروف ورص للكلمات بلا هدف ، بينما هي هبة من الله ، لترجمة حية لما في القلب والوجدان والذاكرة والمخيلة من المشاعر إنسانية ، لتتدفق شهداً صافياً، يلهم صخب صمتها المبدعين ، والتي أنا مؤمن إلى درجة عالية بجدواها الكبير في التعامل والتجاوب مع المجتمع المحيط ، احتسابل ارضا الرحمن ، أكثر من أي ثرثرة وكثرة لغط أو حديث ، كما يوقن المولعين بها  ، أنها بوح ذاتي مسكّن للألم الداخلي يفرغ الكاتب فيها شحنته النفسية فيتخلص من ضغطها، ويتمتع بارتكابها متعة لا تجاريها أي متعة..