adsense

2023/06/22 - 1:22 ص

عبدالإله الوزاني التهامي

تثير "آفة"  الأزبال والمياه العادمة المنتشرة بتراب قيادة بواحمد، جماعتي بني بوزرة واسطيحات، الكثير من التساؤلات تخص دور  المؤسسات الموجودة في هذه البؤر  المسيئة لسمعة وصورة المنطقة، بحيث إذا ما استحضرنا ما لمطارح النفايات والأزبال مختلفة المصدر، من  أضرار عديدة تطال التربة والهواء والبيئة والفرشة المائية والصحة العامة للمواطنين والناس أجمعين، فضلا عن  التشويه الجلي لجمالية المناظر الطبيعية، سندرك عمق الموضوع ومصداقية المستنكرين لهذه الكارثة.

 وسواء مطرح اسطيحات أو الأزبال المنتشرة خلف التجمعات السكنية  وتحت مسجد بواحمد وفي سوق الثلاثاء الأسبوعي وعلى ضفاف الوديان، فإن  "عصارة" تلك الأزبال والنفايات السامة والخطيرة  منها ما يطفو على سطح المطرح ومنها ما يتسرب في التربة لعدم وجود ما يحمي  المطرح  من تسربات  المواد السامة، ولوجود بؤر أزبال متراكمة بعشوائية في أكثر من نقطة، بتراب الجماعتين، مما  يتسبب  بشكل آلي في إفراز مشاكل صحية خاصة بعد   امتزاجها بالهواء وبمياه جوفية للآبار والعيون والسواقي.

 وباعتبار النفايات مواد فقدت أهميتها  بعد  استعمالها من طرف المستهلك، فإنه إذا ما تم التعاطي معها بطريقة غير ملائمة تنقلب إلى حالة خطر  مستهدف للصحة ومهلك للبيئة.

لم نخض في نوع آخر من النفايات والأزبال، المكونة من

"الفضلات الطبية كالمحاقن، والإبر، والمباضع والشفرات الوحيدة الاستعمال"، ومنها  مواد كيميائية مستعملة في الطب مثل المواد المطهّرة وغيرها، لأننا لا نعلم كيف يتم التخلص منها في الجماعتين، ولم نتحدث عن الأزبال بقايا حيوانات ميتة أو مذبوحة، وعن الردمة والمتلاشيات المنزلية وبطاريات السيارات، وسيكون لهذا النوع من النفايات  بحث ميداني خاص.

وعلى سبيل التوعية، تجدر الإشارة هنا إلى أنه ينبغي الفصل والتفريق بين الأنواع المختلفة للأزبال والنفايات، ووضع كل صنف ونوع في مطرح خاص، منه ما يتم التخلص منه بطرق سليمة، ومنه ما يتم التعامل معه عن طريق تنقية ترفع عنه درجات الخطورة.

إن أي شخص بتراب قيادة بواحمد، معرض لسموم وأضرار الأزبال والنفايات، إما عبر  التنفس أو  الجلد أو  عبر "الأغشية المخاطية" أو البلع،  كتناول أكل أو خضروات وفواكه، أو مشروب  تسربت إلى جوفه النفايات، وهذا يحدث بسبب تسربات مياه الصرف الصحي العشوائية مثل الموجودة بسهل بواحمد أسفل مقري القيادة والجماعة، وتسربات عصارة المطارح إلى الآبار والوديان والبحر.

وسواءا كان الإنسان واعيا -أو فاقد للشعور والإحساس- بالخطر،  فإنه يصاب بأضرار المطارح  ومياه الصرف الصحي عن طريق الجهاز التنفسي والجلد،  باستنشاق "الرذاذ المزود بمواد كيميائية  وجراثيم وغبار.

 ومن هذه المخاطر على الصحة:

التهاب الجلد (dermatitis).

التعرض لبكتيريا الكزاز (Clostridium tetani).

الهباء الحيوي (Bioaerosol)، باعتبارها كائنات دقيقة تسبح في الهواء، يحدث هذا أساسا في محيط المطارح والبؤر الآسنة الموجودة في بيئة رطبة ودافئة كالمطلة على البحر أو المجاورة للأنهار.

ومن هذه الأمراض ما ينتقل بسهولة للجنين ويؤدي لمضاعفات خطيرة عليه وعلى المرأة الحامل.

ومن المنطقي أنه كلما  تكدست النفايات والأزبال والمياه العادمة بجماعتي اسطيحات وبني بوزرة، فإن مخاطرها على الإنسان والبيئة والحيوان، تتفاقم وتزداد تعقيدا، مخاطر صحية ونفسية ومعنوية.

 حيث تعشش وتتناسل   الحشرات والفئران والذباب، وهي بدورها ناقلة الجراثيم للإنسان والحيوان والبيئة.

وأما عن الأضرار المصيبة للبيئة، فمنها تشويه المناظر الطبيعية بالجماعتين، وانتشار الروائح  الكريهة بين السكان، والتأثير على النظام الحيوي في نقط ومحيط مطرح النفايات والبؤر الآسنة،  باستجلاب القوارض والحشرات السامة وغير ذلك.

دون نسيان ما ينبعث من المطارح من غازات،  ونخص بالذكر "غاز الميثان" و"ثاني أكسيد الكربون"، وهي غازات دفيئة يؤدي تزايدها إلى انحباس حراري.

ومن جهة أخرى تؤكد منظمة الصحة العالمية، يؤدي "الترميد العشوائي"  للمواد التي تحتوي على "الكلور " إلى إفراز "ديوكسينات وفيورانات"، أي من المواد المسببة للسرطان البشري.

ستكون  منطقة قيادة بواحمد، بالتزامن مع ارتفاع الكثافة السكانية، على مشارف التمدن والتحضر، إذا ما تم القطع مع ظاهرة انتشار الأزبال ومع المطارح العشوائية والمياه العادمة، وتأسيس مرصد بيئي (تشاركي) يعهد إليه تتبع ومراقبة كل ما له صلة بالبيئة والصحة العامة، ولا يهم لأي جهة يحسب هذا المكون، أعني سواءا كان هيئة مستقلة أو   هيئة تابعة للإدارة، من أجل تدبير موضوع النفايات والأزبال بكيفية عقلانية.

طالبنا ونطالب كمواطنين وكأعضاء في هيئات بإحداث مطرح أو مطارح للأزبال والنفايات في أماكن جبلية عالية ومناسبة، مع إيجاد آليات وتقنيات احترافية لمعالجة تلك  النفايات، من أجل حماية الأنظمة البيئية وعلى رأسها  التربة والمياه الجوفية والغطاء النباتي والهواء، وكذا حماية لصحة الساكنة وصحة عامة المواطنين، وحماية سلامة الكائنات الحية كلها.

يثير مطرح النفايات/الأزبال المحسوب على جماعة  اسطيحات -مثلا- تساؤلات حادة بين أوساط المهتمين بالشأن العام المحلي والإقليمي والوطني وفي أوساط المختصين في المجال البيئي، إذ يعتبرون موقع المطرح المثير حيث يوجد في واجهة الطريق الساحلي الرئيسي ومقابل للبحر، ترجمة ميدانية لعشوائية تدبير موضوع الأزبال والنفايات، ويعتبون عدم التعاطي بحزم مع الموضوع مؤشر على تفريخ الظروف الحياتية غير السليمة بين الساكنة، ومؤشر على عدم إيلاء الأهمية المطلوبة للإنسان وللبيئة، الشيء الذي من شأنه أن يخلف انطباعا سيئا لدى السائح والزائر فضلا عن الساكنة المستقرة، وهذا مقوض خطير للبنى والجسور التي تقوم عليها أسس التنمية البنيوية القويمة.

يحدث هذا بقيادة بواحمد، رغم مجهودات المغرب الكبيرة، المبذولة في المجال البيئي من أجل "عدالة مناخية وبيئة سليمة"، إذ تظل النقط السوداء المتمثلة مثلا في حالة مطرح اسطيحات والأزبال والمياه العادمة المنتشرة في بواحمد، مؤشرا مقلقا لا يبعث على الارتياح والطمئنينة.

في حين  يقيم مسؤولون ومعنيون في "برج" مطل على البحر وله خلفية غابوية، لا تهمهم معاناة الساكنة مع ما يتعرضون له من إذاية الانتشار المخيف للأزبال والمياه العادمة.

يستحيي ويخجل أبناء المنطقة جلب الزوار والسياح ليقضوا أياما وأسابيع بين أحضان الخصوصيات الطبيعية والبيئية المتميزة التي تنفرد بها المنطقة بين نظيراتها على المستوى الإقليمي، وذلك راجع إلى وجود كثرة النقط السوداء وإلى وجود بعض المطارح العشوائية والبؤر النتنة، التي لن تترك  فرص الاستمتاع والتأمل على ما يرام أمام السائح والزائر المفترضين.

فهل يليق برمز الدولة ملك البلاد أن يرى  من الطريق أو من البحر مطرحا ملوثا للبيئة ومضرا بصحة المواطنين، وهل يرضى المسؤولون المعينون والمنتخبون باستمرار  تعرض المواطنين للأذى والضرر جراء انتشار  ظاهرة الأزبال والقاذورات والمياه العادمة في تراب قيادة بواحمد ؟!