adsense

2022/01/19 - 11:23 ص

أعدت "الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم" تقريرا تحت عنوان "جودة التربية والتكوين في المغرب في ظل دستور 2011 عشر سنوات من التردد" أوضحت فيه أن اللغة العربية لم تعد لغة للتدريس بالمدارس المغربية، على الأقل للمواد العلمية والتقنية وفي جميع مستويات المنظومة، وذلك بعد الشروع في تنزيل مضامين الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، التي جاءت بالتناوب اللغوي، وهو ما جعل حجمها يتقلص إلى حوالي النصف في التعليم الإلزامي".

وكشف ذات التقرير، أن عدد ساعات اللغة العربية، سواء ضمن لغة للتدريس أو لغة المدرسة انتقل من 6290 ساعة قبل إرساء التناوب اللغوي إلى 3468 ساعة بعده، في المقابل تضاعفت حصة اللغة الفرنسية لتنتقل من 2788 ساعة قبل التناوب اللغوي إلى 5610 ساعات بعده، لتصبح بذلك اللغة الفرنسية هي المهيمنة على زمن التدريس الذي ستقتطع منه الثلثين.

وأشار التقرير، إلى أن الدول المصنفة في المراتب الأولى من حيث التعليم، غالبيتها تستعمل لغاتها الرسمية كما هو الشأن بالنسبة لسنغافورة التي تستعمل لغة الملايو والصينية والتاميلية إلى جانب الإنجليزية، وتايوان التي تعتمد اللغة الصينية واليابان التي تستعمل لغتها الرسمية ونفس الأمر بالنسبة لكوريا وروسيا وفلندا وليتوانيا و هنغاريا وإيرلندا.

وسجل التقرير، أنه على سلم الزمن بين 2011 و2021 وقياسا إلى الدستور الذي زكى مكانة اللغة العربية وارتقى باللغة الأمازيغية إلى مرتبة اللغة الرسمية الثانية للبلاد، كان منتظرا أن تنال اللغتان وضعية متميزة في المنظومة التربوية كما هو جار به العمل في الدول المتقدمة وتلك التي تنعت بالصاعدة والتي يطمح المغرب أن يصل إلى مستواها.

ولفت المصدر ذاته، إلى أن هاته الدول تتبنى تدريس المواد بما في ذلك العلوم والرياضيات بلغاتها الرسمية كما يتضح من خلال الدول المصنفة في المراتب العشرين الأولى في دراسة "تيمس 2109" المتخصصة لتقييم التلاميذ في العلوم والرياضيات، مضيفا غير أن ما وقع في التجربة المغربية، هو العكس تماما بالنسبة للغة العربية التي لم تعد لغة للتدريس.

وأكد التقرير، أن العائلات الثرية وغالبية المسؤولين يتواصلون باللّغة الفرنسية فقط في حين أن اللغتين العربية والأمازيغية، رغم كونهما اللغتين الرسميتين، تتركان لعامة الناس، مبرزا  أن الفرنسية تهيمن بشكل لافت في عالم الأعمال وفي وسائل الإعلام، قبل أن يتساءل "لكن هل يبرر ذلك أن نقول إن اللغات الرسمية في خطر؟"، ليؤكد أن تقرير "بيزا 2018-2019" يجيب بنعم، مع أدلة دافعة ما يقرب من 90 في المئة من المغاربة لا يتحدثون في بيوتهم باللغة العربية التي كانت لغة التدريس أثناء إجراء التقييم.

وقال التقرير، إنه في ظل مفهوم ديناميات اللغات، فإن لغة التخاطب داخل مجموعة من الناس تكون دائما اللغة التي من شأنها أن تجمع معظم المتحدثين، فيصبح حشد هذه الأغلبية اللغوية هدفا لعدد متزايد من الناس، مما يساعد على تعزيز هيمنة لغة واحدة على لغات أخرى من أجل قلب هذه المعادلة، معتبرا أن التدخل السياسي لصالح اللغات الرسمية ضروري، خاصة في بيئة العولمة حيث أصبحت اللغة إحدى الأدوات التي تخدم المصالح الاقتصادية للقوى العظمى مما يفسر عنادها في فرض لغتها على دول أخرى.

وأوضح المصدر ذاته، أنه على الرغم من  أن نظرية رأس المال البشري، تشجع على اتخاذ قرارات لصالح تعلم اللغات الأجنبية بحجة أن هذه المهارات اللغوية تعزز قابلية الأفراد للحصول على منصب شغل، فمن الواضح مع ذلك أن السياسة اللغوية التي تهمش لغة الأم سيكون لها عواقب اجتماعية وثقافية سلبية على المتعلمين.

وسجل التقرير ذاته، أنه مهما كان الأمر فإن السياسة اللغوية السائدة حاليا في الفضاء التعليمي الوطني، تستمد أسسها من نظرية رأس المال البشري، أكثر من المنطق الحقوقي، على الرغم من كل الدراسات الدولية، التي تظهر ارتباطا إيجابيا بين استخدام لغة الأم، بوصفها لغة التدريس ونتائج التحصيل الدراسي، مردفا أنه بما أن "الدارجة" لغة الأم لمعظم المغاربة تنتمي إلى نفس العائلة اللغوية مثل العربية، تماما مثل العلاقة الموجودة بين اللوكسمبورغية والألمانية، فإن التلميذ الذي يتعلم بهذه اللغة لا يجد صعوبة على الإطلاق في تطوير المهارات التي يحددها المنهاج الدراسي.