adsense

2021/10/09 - 9:09 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

من طرائف الانتخابات الغريبة التي وقفت عليها–كما عامة الناس ونخبهم- في استحقاق 8شتنبر ، ظاهرة انتقال المرشحين بين الأحزاب بسلاسة مفرطة ، وتغيير ألوانهم السياسية ، كما ومتى شاؤوا وبسهولة مثيرة ، وتحولهم "حسي مسي" من حزب يساري إلى آخر يميني أو إسلامي ، والعكس صحيح ، بيسر تام  ودون أي حرج أو اعتبار للضوابط الأخلاقية للعملية الانتخابية ، أو احترام لمبادء الانتماء للحزب والإتزام بمواقفه وبرامجه والإهتمام بوضع طموحات واحتيجات من يمثلهم من المواطنين  حيز التنفيذ في التشريع والرقابة والمحاسبة ، يشجعهم على ذلك إيلاء جل الأحزاب الأولوية للصوت الانتخابي ، وحرصها على استقطاب الوجوه الجالبة للأصوات من مختلف الحساسيات ، بدأً من الأعيان وأصحاب الشّكَارَة ومرورا بملكات الجمال والنكافات والممثلين والصحافيين والرياضيين ولاعبي كرة القدم ومسيري أنديتها ، وهلم جرا ، والذين من كامل حقهم الترشح مع أي حزب يختارونه ، كما هو الحال الديموقراطية الإنتخابية في كل بلاد العالم  الديمقراطي، حيث لا وجود لقوانين تمنع أيا كان من ذلك ، رغم منافاة "قليب الفيستة" والتخلي عن الانتماء السياسي للقيم التي وجدت من أجلها الأحزاب ، كما جاء في مقتضيات المواد 20 و21 و 22 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية.

ـــــــــــ وتلي ظاهرة "تبدال الكبوط" المثيرة للشفقة بدل البكاء أو الضحك ، ظاهرة أكثر منها غرابة وهي تحول اللوائح الإنتخابية إلى تجمعات أسرية أو عائلية للأهل والأحباب والأصهار، التي انتشرت خلال الإنتخابات الأخيرة - في ظل غياب قانون يمنع ترشيح الأقارب الغير الممنوع ، لكن المنافي للقيم الأخلاقية ومبادء الذوق الراقي– بصفة غريبة بالعديد من الدوائر الانتخابية ، حيث لوحظ بصفة مقززة، إلتفاف الأبناء والأعمام والأخوال والأصهار حول رب الأسرة أو كبير العائلة أو شيخ القبيلة وكيل اللائحة الانتخابية.

وإلى جانب الطرفتين الغريبتين السابقتين ، تبقى الظاهرة الانتخابية الأكثر طرافة وغرابة ، تلك التي قللت من ثقة الناس بموضوع الانتخابات وشجعت أكثبهم على العزوف عن المشاركة فيها ، ظاهرة تحول الانتخابات إلى ساحة نزال ومصارعة ، يسودها الشحن الديني والتمترس الطائفي والتخندق الإثني والجهوي والمناطقي ، واتّخاذ الطعن واللعن والشتم والكلام النابي - الذي مل الناس من سماع نغمته - بين المتنافسين، والسخرية من بعضهم البعض ، وتشويه سمعتهم وفضح أسرارهم ، المكانة الأساسية في التوجهات السياسية لغالبية الأحزاب ، السلوك الذي جعل الكثير من المتابعين المحايدين – من عامة الناس لا نخبهم - يصلون الى قناعة قاطعة بأن جميع المترشحين هم من أقبح السياسيين الفاسدين الذين يتخذون من الانتخابات غطاءا لمآربهم الشخصية التي لا تمت للسياسية بصلة، والتي يعتمدون فيها على انتهازية شراء أصوات الناخبين بأبخس الأثمان ، كأي سلعة في سوق الإنتخابات ، الذي يتساوى فيه المواطنون على اختلاف مشاربهم ومراتبهم، شباب وكهول وشيوخ ، المعدمون منهم والفقراء ومتوسطو الحال  والمترفون ، الأميون والجهلاء والعلماء، والمثقفون وأنصاف وأرباع المثقفين..

ما يدفع بالمتتبع  لطرح السؤال المبهم :لماذا تنحى الانتخابات عندنا هذا المنحى الشاذ وغير الأخلاقي ، الذي يستخلص منه، أنه ليس هناك مؤشرات ملموسة على وجود رغبة جادة في تجديد قواعد اللعبة السياسية المؤدية إلى إنجاز مشهد ديمقراطي حقيقي

وبقاء الوضع على ما هو عليه إلى إشعار آخر..

وإلى طرائف وغرائب إنتخابية إخرى بحول الله.