adsense

2021/10/21 - 6:51 م

بقلم عبد الحي الرايس

ولا أحدَ أيّاً كانَ يسْتغني عن الناس، وكلٌّ عند الحاجة إليهِ يصيرُ سيِّدَ الناس، وكمْ هو رائع أن يتعامل الناس بتلقائية على أنهم سواسية لا يَمِيزُ بعضَهم عن بعض غيرُ التقوى وكرم الطبع وحسن الخلق، وما أبلغ قوله تعالى في مُحكم التنزيل: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

وكم كانت الحكمة سديدةً وهي تأتي على لسان أبي العلاء المعري مُترنِّماً:

الناسُ للناس من بَدْوٍ وحاضرةٍ 

                                  بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خَدَمُ

في جَمْعٍ من الناس أقْبلَ رَجُلٌ ورأسُه إلى السماء دون أن يُعنِّيَ نفسَه بإفشاء سلام، فتساءل القوم: من يكون، قيل لهم: دكتور، ولكن طلْعته كالطاووس، واعتدادَهُ الزائدَ بنفسه في غرور، أذهبتْ عنه كل أُنس وقَبُول.

وتحرَّكَ عاملُ النظافة عند قومٍ جعلوها دأباً وديْدناً، وشعاراً ومنهجاُ، فضاعفوا له الأًجْرَ ونحًتُوا له التمثال.

وتَرْتادُ مَلبنة تلتمسُ جُبناً فيُتحِفُك صاحبُها برائع الأشعار، وصائب الآراء، وعَذْب الأمثال، فلا تملك إلا أن تقول: ما أبلغ الأديبَ اللبان.

وكم جادت الحِرَفُ والصنائع بالشاعر الزجال، والممثل الفنان، فطوبى لهم بكل تألق وإبداع.

وفي حفل كبير تنطفئ الأنوار، فتشْخَصُ الأبصار إلى تقني الكهرباء يُعيدُ للفضاء الضياء، فيكون سَيِّدَ الميدان.

البدويُّ في حقله يُوفر الغذاء للحضري في متجره، والمعلم في فصله يُعِدُّ الناشئَ للمجتمع في غده، والطبيب في عيادته يسهر على سلامة المريض وراحته، وقس على ذلك في كل المجالات.

تلكم هي الحياة في خِضَمِّها، خِدْماتٌ تُتبادَلُ بين أهاليها، وخير الناس أنفعُهم للناس، فلا شموخ ولا اعتداد إلا بالعمل الصالحِ، جالبِ الخير لكل الناس.