adsense

2020/09/05 - 11:36 ص

بقلم عبد الحي الرايس

فهي رِئَتُكُم، ومَصْدَرُ عَلِيلِ هوائِكُم، ومَرْتَعُ الصِّبَا لَدَى ناشئتِكُم.

لديْكُم عهْدٌ ومِيثاقٌ أمْهَرْتُمُوهُ مع عاهِلِكُمْ، أن تصُونُوا بِيئتَكُم، فلا تنْقُضُوهُ ولا تخْذلـُوه.

قد تتعللـُونَ بأن المياهَ جَفَّتْ، والأغْراسَ تيبَّستْ، والصيانةَ تَعَذَّرَتْ، والحديقةَ أُهْمِلَتْ، والعطالةَ تكاثرَتْ، فلِمَ لا اسْتباحةُ الحديقةِ لتجميع الباعة، وحَلِّ مُشْكلِ البطالة !

حَذارِ أن تفعلـُوها أو تـُقْدِمُوا عليها، فإن ابْتلاعَ حديقةٍ سَيُغْري بابْتلاعِ حدائق، وسَيَنْفـَدُ رصيدُ المدينةِ من الساحاتِ والحدائق، وتظلُّ البطالةُ المُشكِلَ المُتجدِّدَ العالق، وسَتَعَضُّون أصابعَ النَّدم على ما اجترَأْتُم عليه من تغييبٍ للاخضرار، ونشرٍ للظلال، وفرَّطتُمْ فيه من مُتنفـَّساتٍ للسكان.

فعُودُوا إلى رُشْدِكُمْ يَرْحَمْكُمُ الله، واعْلمُوا أن الحديقة تاجٌ على رؤوس الدُّرُوب والأحياء، لا يراهُ إلا مَنْ افتقدُوها وعايشُوا الإسمنتَ بزمْهريرِ شتائه ، ولَفِيحِ صيْفِه، بتجَهـُّمِهِ، ومَوْتِ مَشاعِرِه.

واذْكـُرُوا أن أجدادَكُم أحاطُوا الْمُدُنَ بالجنان، وعدَّدوا بها العرصاتِ والرياض، وعُنُوا بالسطوح تُؤثَّـَّثُ بالأغراس، وتتضوَّعُ بالأشْذاء.

واسْتحْضِرُوا أنَّ غيرَكم وَعَى دَوْرَ المجالاتِ الخضراء، فاقتطع لها شاسِعَ المساحات، عَمَّمَ الحدائقَ ونَشَرَ الْمُتـَنَزَّهات، إلى حَدِّ أن أقدمَ على هدْم البنايات ليرْفَعَ نسبة حُضُور مُخْضَرِّ المساحات.

الحديقةُ في الْحَكْيِ الشعبي "مسمارُ جحا" ، باعَ بيتَهُ واستثنى مِسْماره، واحتفظ بحقِّ زيارتِهِ وتفقُّدِه، فأضْفـُوا عليها الاعتبار، إنْ غابَ الوعيُ بضرورتها اليوم فسيتوَقَّدُ غداً، وإن تعذرتْ وسائلُ الصيانة اليوم فَسَتتيَسَّرُ غداً، ولكنْ إذا فرَّطـْتُم في أرْضِها اليوم، فأنى لكم أن تسْتدْرِكُوها غداً.

بالله عليكم، وبالعهد والميثاق الذي باركتُم، هُبُّوا لصيانةِ حدائقكم، حافظوا عليها، لا تسْتهينُوا بها، لا تبيعوها، ولا تتطاولُوا عليها.