adsense

2020/03/05 - 5:27 م

نظمت المندوبية الإقليمية التعاون الوطني ،خلية اليقظة الاجتماعية ووحدة حماية الطفولة بالقنيطرة بشراكة مع مركز المنهج الوطني للأبحاث و الدراسات يوم 27 فبراير 2020  ندوة حول موضوع :
" التنشئة الاجتماعية و سؤال ترسيخ منظومة القيم : أية اثار على بناء المشروع الشخصي للمربي و المستفيد" مؤسسة الرعاية الاجتماعية نموذجا.
عرفت مدينة القنيطرة واحدة من أهم الندوات العلمية التي تصب في بناء مجتمع صحي  و تنمية الرأسمال البشري الذي عرف تحولات عميقة خلال العشرينيات الاخيرة ادت إلى خلخلة توازن منظومة القيم و اساليب التنشئة الاجتماعية بدءا من مؤسسة الاسرة مرورا بمؤسسات الرعاية الاجتماعية و وسائل  الاعلام و التواصل الاجتماعي .
حيث اطر الندوة نخبة من الاساتذة و الباحثين و المتخصصين في علم الاجتماع و علم النفس و علم النفس الإكلينيكي وممثلي القضاء بالإضافة لمؤسسات التكفل و حماية الأطفال و النساء ضحايا العنف ، و عبر السيد "محمد ايت حماد"  المندوب الاقليمي للتعاون الوطني  بالقنيطرة خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية  عن دور التعاون الوطني في المجتمع منذ تأسيسها سنة 1957 و اشار الى ان الندوة تأتي في إطار الانفتاح على مجموعة من المؤسسات من بينها الهيئات و مراكز  البحوث و الجامعات ، و المساهمة في إعداد و بلورة السياسات العمومية في مجال الطفولة و النساء في وضعية صعبة و الاشخاص المسنين بدون موارد و الاشخاص في وضعية إعاقة.
هذا و انطلقت الجلسة الثانیة من تأطیر الاستاذ الخبیر فی مجال الطفولة "سفیان ریاضي" ،  لينتقل "ذ.مولاي التهامي الباديدي" منسق مسلك علم النفس المعرفي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة، للحديث عن موضوع التربية المعرفية محاولة لبناء المشروع الشخصي في مجال الرعاية الاجتماعية ، و في مداخلة ذ.جمال الوافى : استاذ علم النفس الاجتماعي و الاكلينيكي-رئيس شعبة علم النفس كلية الاداب و العلوم الإنسانية  الرباط ، حول التنشئة الاجتماعية لدى الشباب و إشكالية استخدام تقنيات التواصل الحديثة ، و تحدث ذ.البقالي محمد،إطار مؤسسة التعاون الوطني ، خبير متخصص في الاحصاءات و البيانات الضخمة في مداخلته عن إمكانية الاستفادة من البيانات الضخمة في مجال التنشئة الاجتماعية و استهداف مجالات التدخل بشكل عقلاني مختصرا بذلك الجهد و الوقت و الموارد المادية و البشرية ، و ذكر ارقام احصائية حول الكم الهائل من المعلومات4 ، 200 مليون من الرسائل الالكترونية على gmail في الدقيقة الواحدة و 100 الف ساعة من الاشرطة المصورة (الفيديوهات) ، و اتباع المنهج العلمي السليم لمقاربة مؤشرات متعددة الابعاد قادرة على ضبط منحى اثار التنشئة الاجتماعية في تشريب منظومة القيم للطفل من خلال اعتماد الهيكل العلمي الصارم والدقيق بعد تحديد مشروع منظومة القيم المتوخاة تحقيقها بهدف انتاج معرفة تراعي الخصوصية المحلية. وهذا لن يتأتى إلا باعتماد المنهج التجميعي بهدف تلخيص المعرفة للدراسات الفردية وتطوير فهم جديد للاشكاليات البحثية وتحديد المفاهيم الخاصة بالمربي والطفل وغيرها، اضافة الى احترام مراحل المنهج العلمي من تحديد الاشكاليات البحثية و الأهداف استمارات محكمة الصدق و الثبات قوة الاختبار، المعاينة ، الاختبارات الاحصاءية........وصولا الى إنتاج معرفة تراعي السياق المحلي قادرة على الإجابة على الاهداف النوعية تجيب على سؤال ترسيخ منظومة القيم ومنحى اتجاهها لدى المستفيد. هذا مع ضرورة تعزيز هذا المنهج بتقنية الانظمة الجغرافية المعلوماتية لوضع نموذج جغرافي مكاني او الذكاء الترابي لمقاربة مجالية لتوزيع المؤسسات التنشئوية وكل الخصائص المجالية لتسهيل عملية الاستهداف بخصوص تنشئة تراعي المجال. إلا أن مقاربة هذه المنظومة يتطلب اخذ بعين الاعتبار منهجية اخرى للبيانات الضخمة لتتبع اثار بعد البرامج المؤسساتية  والبعد المتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الرقمية على عملية تشريب منظومة القيم من خلال الاستغلال الجيد الادوات المتطورة جدا كقواعد البيانات والبرامج العملاقة للمعالجة والتحليل في الوقت الحقيقي لكل انواع البيانات سواء كانت مهيكلة (تمهيدا لمعالجتها)، شبه مهيكلة(مهيكلة من طرف المؤسسات وغير مصممة في قواعد البيانات) او غير مهيكلة( المتعلق بالاراء كالتعليقات والفيديوهات ومقاطع صوتية) في شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بتويتر وفايسبوك....لاعداد مؤشرات تساعد في عملية صنع القرار في شأن الحرص على نوع القيم المراد نقلها للمستفيد.
و في ذات السياق  نبهت الدكتورة مريم اوشلح: استاذة علم النفس ألإكلينيكي كلية الاداب و العلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس الرباط ، خلال مداخلتها حول دور الاخصائي النفس ألإكلينيكي من اجل فهم و توجيه نفسي للمدرس و المتعلم ، على ضرورة ملئ الوعاء الداخلي النفسي للمتعلم من خلال مشروع التنشئة الفردية و منظومة القيم باعتبارها جوهر المجتمع مع مراعاة تجديد القيم حسب المتطلبات (بيداغوجي تربوي ووراثي...) ، و اشار ذ. نبيل شكوح خبير متخصص في الإعاقة و العلاج النفسي بجامعة ابن طفيل القنيطرة إلى ثلاث انواع من الاجيال z و y  و x الاخيرة و إشكالية إنتاج نفس الثقافة و القيم داعيا بذلك إلى محاولة فهم الاجيال الصاعدة بدلا من المقاومة . و من جانب اخر تناول  "ذ. عبد الغني شفيق" : أستاذ السوسيولوجيا، كلية الاداب و العلوم الإنسانية بجامعة إبن طفيل القنيطرة ، موضوع حول التنشئة الاجتماعية و التغيرات القيمية بالمغرب الراهن،  ليؤكد على ضرورة مسألة  الإدماج  الثقافي 'مشروع مجتمعي و بيداغوجي' من اجل تجاوز النظرة الفلكلورية عن الثقافة.
و في الجانب القانوني اثار السيد "وديع عساوي" ممثل القضاء في شخص ناٸب وکیل الملك  ورٸیس خلیة النساء والاطفال ضحایا العنف ، مجموعة من العقوبات الزجرية مثل عقوبة التدخين امام الاطفال ، جدلا كبيرا في النقاش الاخير من الندوة ، و اضاف احصائيات حول الملفات المطروحة امام القضاء تهم 63307 متابعين من بينهم 1224 حالة  طفل معتقل تمثل  1.14%  من مجموع الساكنة السجنية ،41%  إناث و 59%  ذكور ، و شدد "وديع عساوي" على ان المغرب ملتزم بالاتفاقيات الدولية حول اعتقال الطفل اخر ممارسة، اذ بلغ عدد قضايا العنف ضد الاطفال 7600 قضية 20% من المعتدين على الاطفال ينتمون لعائلات الطفل و 80% من الاباء و 0.58% حالة اعتداء من طرف المؤسسات و المربيين ، ارقام تشير الى ارتفاع حالات العنف الاسري و التسلط الابوي الذي يؤثر على التنشئة الاجتماعية بشكل مباشر.
و اشارة الدكتورة شاربة ابتسام ، خريجة كلية الطب بالرباط و باريس،و ملحقة سابقة بمعهد كوري بباريس من خلال مداخلتها حول موضوع ، التنشئة  الصحية للطفل و المربي و ترسيخ منظومة الحماية النفسية الجسدية : مقاربة طبية ، الى بعض الممارسات في الثقافة المغربية و التي اعتبرتها جريمة في حق الطفولة مثل نزع اللوزتين " الحلاقم" بالدارجة المغربية و المخاطر الناجمة عن نزعهما ،  و هما خط الدفاع الأوّل من الجهاز المناعي للجسم حيث تمنع وصول كافة مسببات الأمراض إلى الجسم.
و اشرف 'ذ.سفيان ازواغ' : استاذ علم النفس، متخصص في النفسية و الاجتماعية ، كلية الاداب و العلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس الرباط، في مداخلته حول موضوع "الصحة النفسية في المؤسسات التربية : دور العوامل الشخصية و البيئية و العلاقات الاجتماعية". و في تصريح لأحد الحاضرين السيد "طلال القريشي"  خبير إستراتيجي و طالب علم النفس بكلية الاداب و العلوم الانسانية جامعة إبن طفيل ، شدد على الاهمية القصوى لإضافة مادة علم النفس في المقررات الدراسية بمسالك التعليم الابتدائية و الإعدادي و الثانوي بشكل عاجل، لما له من اهمية بالغة في المساعدة على بناء شخصية تميل إلى السواء لدى المستفيد (الطفل) قادرة على التأقلم مع الحياة الاجتماعية و المساهمة في بناء مجتمع قوي و متحضر بعيدا على الإتكالية و التذمر.
اختتمت الندوة بمناقشة عامة تفاعلا مع العروض المقدمة و الاجابة على تساؤلات الحاضرين ، مما فتح الباب امامهم لفهم دور التنشئة الاجتماعية و ترسيخ منظومة القيم و اثارها  على بناء المشروع الشخصي للمربي و المستفيد في بناء مجتمع قادر على الانخراط في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية مع مراعاة تحولات الفترة الراهنة .
إدريسي مخلص