adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/01/11 - 10:26 ص



بقلم الأستاذ حميد طولست
في  لقاء مفعم بالمحبة والأخوة كنا نتمنى حدوته من الأعماق ، وها قد تم بعون الله ، وبفضل دعوة كريمة من الأخ عبد المالك حريوش الذي جمع ثلة من الأصدقاء الأعزاء من أصحاب الوجوه النيرة والسريرة الطيبة ، حول مائدة عامرة بما لذ وطاب من نعم الله ، زانها الفكر والذكر ، وأثثتها  السياسة ، ملح الجلسة التي تطرق خلالها الحضور الكريم -الذي أرجو المولى عز وجل أن يبارك فيه ، ويديم بينهم هذا التواصل والمحبة- إلى كل مواضيع الساعة ، والذي نالت فيه حصة الأسد أحوال مدينة فاس وما عايشته ساكنتها من أحلام مشاريع التنمية والترقي الكبرى التي تحولت بعضها إلى لأوهام ، وتقزم بعضها الآخر بفعل الإهمال والاكراهات غير منتظرة ومفاجآت أخرى حولت الخطط المحكمة لمجرد احتمالات ..
وفي خضم هذا الجو المفعم بالحوار المتألق والشيق الخالي من التشهير أو التمجيد وكل مزوقات الكلام ، والبعيد كل البعد عن مناكفات السياسيين واستعراض بطولاتهم ، وسجالات النقابيين  وتسجيل مواقفهم ، قررت أن أدلوا بدلوي - كابن بار لها ، وكصحفي هاو ومهتم بأحوالها ، وكمستشار جماعي سابق  شارك في تسيير شأنها ، ودبر أمور أهلها الطيبين لمدة لا بأس بها ، وتمكن من الإطلاع على الكثير من خباياها - وأشارك الخائضين في شأن المدينة التي نحب أن نراها رائعة ، وبدأت حديثي بعرض بعض الحقائق والأمور ، محاولا تبسيطها بطرق علمية ومنطقية ، وعرضها بالصورة التي هي عليها ، مقترحا الشكل الذي يجب أن تكون عليه المدينة وتنميتها ، وكيفية تدارك الكثير من المخططات والأعمال والبرامج والاستراتيجيات التي لم تر النور ولم تنفذ على أرض الواقع ، وبقيت في أدراج مكاتب المجالس والمقاطعات رغم تدشينها عدة مرات ، كل ذلك بدون زيادة أو نقصان،  وبعيدا عن الحزبية الضيقة ، والإيديولوجية المتحيزة المتحجرة ، و بلا رغبة في منفعة شخصية ، حتى يغلق الباب أمام الشكوك ويبعد الشبهات عما يمكن أن يظن أو يقال حول وجهة نظري في الأنظمة التي تعاقبت على تسيير هذه الحاضرة التاريخية ، والتي لم ترتق بكل تركيباتها وأيديولوجياتها وأساليبها ومبادئها ومنهجياتها وفكرها وطرق أدائها ، إلى مستوى استيعاب الإنسان والمجتمع الفاسي ، ولم تلبي حاجاته الأساسية ، أو تحقق بعضا من رغباته وآماله وطموحاته ، ولم تقدم الحلول المناسبة لمشكلاته ، أو تضمن له الرفاه والرخاء في حياته ، ولم تؤمن له المستقبل وتغير واقعه المعاش إلى الأفضل ..
ليس ما أكتب الآن ، رثاء متأخر لفاس ، كما أنه ليس تمجيدا أو بحثا عن شرف لها ، بل هي صيحات نحتها القلب وألقى بها إليكم من غير كثير تكلف، في قالب نصائح وتوجيهات ألزم بها نفسي قبلكم ، ويلتزم بها من رأى فيها صوابا وخيرا ، وهي نداءات للمشاركة ، لا أسأم من ترديدها سعيا وراء تخليص فاس من أوضاعها المزرية المفتعل ، التي لا يريد لها أعداء المدينة أن تفارقها ، وما هي إلا تساؤلات ألقيها بين يدي الجميع، لأيجاد البدائل والحلول والخيارات السهلة للتغلب على الأزمات العويصة والمعضلات الصعبة والتحديات التي مرت بها المدينة ، فشلت روح العمل التطوعي وإرادة الفعل الجماعي ، وخلقت التخاذل والتواكل بين أبنائها ، فتهربت غالبيتهم من المسؤولية وسلموا بالأمر الواقع والمصير الموجع والمفجع ، ما منع المدينة من العودة إلى أصالتها ، كمنارة علم وتميز ومركز فخر وشرف..
لكني كلي ثقة بأنه ما زال في فاس من أبنائها ومحبيها -الذين يستحقون الاحترام والتقدير - من هم على استعداد ليعمل بروح الفريق الواحد من اجل سلامتها والحفاظ على مقدراتها ، لتتسع للجميع ، بعيدا عن الألوان وما تخلفه من احتقان مذموم ..
فإلى هؤلاء المخلصين المحبين ، أتوجه اليوم بدعوتي لتأسيس تحالف محلي - ولما لا وطني - بغرض الوقوف في وجه ما عرفته وتعرفه مدينة فاس من تدهور سياسي واقتصادي وعمراني وأمني وأخلاقي ، مطالبا كل الشخصيات الفاسية التي تعتبر نفسها معنية بمصير هذه المدينة ، إلى لالتحاق بهد التحالف والنضال من داخله لإحياء "مشروع فاس الكبرى" الذي قد يرى فيه الكثير من المرتزقة المتربصين والحاقدين ، ضرباً من الوهم والخيال ، أو نوعاً من الكتابة بالتمني أو مجرد كلام الحشايشية ..
ـــــــــ وأدعوهم جميعا ، إلى الاعتراف ، أولا وقبل كل شيء ، بأن فاس للجميع ومن الجميع ، كما قال عنها يوما المشمول برحمة الله الراحل الحسن الثاني ،  كما أرجوهم ، التوقف الفوري عن التراشقات الإعلامية والسياسية والمذهبية عبر الأحزاب ومواقع التواصل الاجتماعي لأن ما يدور من نقاشات لم يعد خافياً على قريب أو غريب، بل لعله مفضوح بأكثر مما يلزم ، ومفتوح على أسوأ الاحتمالات ..
ما سيعود على المدينة وساكنتها بالخير العميم ..يتبع