adsense

2015/11/19 - 11:22 ص

بعض من التاريخ البطولي المغربي في عهد الحماية الفرنسية طواه النسيان، و بدا يفقد وجوده في الذاكرة الجماعية للمغاربة بفعل الإهمال، معركة الهري تعد واحدة من الملاحم  المغربية، التي لم تأخذ نصيبها من التاريخ المغربي شانها في ذلك شان معركة أنوال و بوكافر، اللتان تكبدت فيها فرنسا خسائر وخيمة على يد أبطال، لم يعرفوا قط طريقا إلى أكاديمية أو مدرسة عسكرية، ولا تعلم جيشهم ولا تدرب على فنون أو استراتيجيات القتال.
اعتبرت فرنسا مدينة خنيفرة البوابة، التي ستمكنها من دخول منطقة الأطلس المتوسط، فتمكنت يوم 12 يونيو 1914 من دخول المدينة بقيادة الكولونيل هنريس، بجيش تجاوز تعداده ثلاثين ألف محارب، فاضطر القائد موحا أو حمو الزياني إلى إخلائها والاحتماء بالجبال المجاورة للمدينة، حيث دخل مع المحتل في مناوشات واصطدامات كثيرة انتهت بخسائر جسيمة في صفوف الجيش الفرنسي.
رابط موحا أوحمو مع أتباعه من قبائل الأطلس المتوسط في مخيم بمنطقة لهري التي تبعد عن مدينة خنيفرة بمسافة 15 كلمترا تأهبا لأي هجوم مباغت، يقول الجنرال گيوم معترفا :" لاتكمن قوة الزيانيين في كثرة عددهم بقدر ما تكمن في قدرتهم على مواصلة القتال بالاعتماد على ما كانوا يتحلون به من بسالة وتماسك وانتظام، وأيضا بفضل مهارة فرسانهم البالغ عددهم 2500 رجل، فكانوا بحق قوة ضاربة عركتها سنوات طويلة من الاقتتال. كما كانت أيضا سرعة الحركة والإقدام إلى جانب القدرة العفوية على المخاتلة في الحرب من الصفات المميزة لمقاتليهم." 
في إحدى ليالي شتاء 13 نوفمبر 1914، قام هنريس بمباغثة المقاومين داخل مخيمهم وتم تطويق المعسكر من أربع جهات في آن واحد، ليبدأ القصف شاملا، حيث قذفت الخيام ، و مهاجمة القبائل المحيطة بالقرية، و جمع قطعان الماشية التي تعتبر مصدر عيش القبائل، في الوقت نفسه كانت فرق عسكرية أخرى تمشط المنطقة.
ظن قائد الحملة العسكرية على أنه وضع حدا للمقاومة، لكن القبائل استجمعت قواها خصوصا مع التحاق بعضها الذي لم يشارك منذ البداية في و حاصرت الجنود الفرنسيين، وتم الاشتباك معهم في مواجهات دامية قُتل فيها الكثير من الجنود والضباط الفرنسيين أجبرت الفرنسيين على الاستسلام. 

وقد أشار محمد المختار السوسي في كتابه "المعسول" إلى الخسائر التي تكبدها المحتل الفرنسي بتخوم خنيفرة قائلا " ومن أكبر الوقائع في الحروب وقعة الهري التي استوصل (قتل) فيها رؤساء جنود الفرنسيين أكثر من 20 فيهم الكولونيلات والقبطانات والفسيانات، وتفصيلها أن العسكر الفرنسي تقدم بقوة عظيمة وتوغل في تلك الجبال إلى أن وصل الهري المذكور، فانقض عليه عسكر زيان بزعامة موحا أوحمو الزياني ومن معهم وسدوا عليهم المسالك التي سلكوها وجعلوا يقتلونهم كيف يشاؤون ويأسرون إلى أن أفنوهم"