adsense

2015/11/18 - 5:33 م


في الآونة  الأخيرة بدا وكأن العالم كله يشتعل بالعنف ويغرق في الدم.. سقوط أو إسقاط للطائرة الروسية في سيناء، إطلاق نار وقتل مدربين أجانب في مركز تدريب للشرطة في عمان، تفجير إرهابي دموي في منطقة سكانية مكتظة في الضاحية الجنوبية في بيروت، وأخيرا تحويل باريس إلى ساحة للدم في أكبر وأعنف عملية ارهابية في عاصمة النور منذ عقود.
 لم ينته الأمر، فالمعلومات الاستخبارية المعلنة تشير إلى تهديدات كثيرة للندن وروما وعواصم أخرى في الغرب، والاستنفار الأمني غير المسبوق في روسيا يلمح إلى توقع الامبراطورية الناهضة في الشرق الأوروبي استهدافات مشابهة. يبدو العالم كله تقريباً في حالة حرب، وهي حرب غير محكومة بمسارات محددة، لأن أطرافها ملتبسة وغير واضحة الهوية، وإن كان ما يعلن ويقال يشير إلى أنها حرب بين النظام العالمي من جهة والإرهاب من جهة أخرى. أي نظام عالمي هو الذي يخوض هذه الحرب، وأي إرهاب هو الذي يضرب في العواصم الكبيرة والصغيرة ويشيع الخراب؟ وكيف نفهم مواقف الدول التي تقاتل الإرهاب في بلادها وتمكنه من التوسع والتمدد في بلاد الآخرين؟ وهل أصبح "داعش" بالفعل على هذا النحو من القوة.. وكيف وبمساعدة من؟ وهل هناك تنظيمات إرهابية أخرى غير "داعش" يجري تمكينها للمساهمة في إدامة مرحلة فوضى الدم؟ وما هي مآلات المواجهة مع هذه الكيانات الشبحية؟ لا أحد يستطيع تقديم أجوبة دقيقة على هذه الأسئلة التي تعجز دوائر أمنية في الإقليم عن معالجتها، لكن المحسوس، توقعاً واستشعاراً، هو أننا نعيش في بداية مرحلة من الفوضى لا نعرف، ولا يعرف أحد، متى وبماذا ستنتهي، لأن بلادنا مكشوفة للاجتياح من الجهات الأربع، ولأن العالم الذي يعلن الاستنفار الشامل لإسناد فرنسا لا يأبه بما يكفي لما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا وبؤر عربية أخرى للفعل الإرهابي. تورطت أوروبا في احتضان أعداد كبيرة من المتطرفين الذي منحوا حق اللجوء أو الهجرة أو الإقامة فيها منذ سنين لأسباب سياسية متصلة بمواقفها من النظم الحاكمة في المنطقة أكثر من ارتباطها بحقوق الانسان، ونجح الأصوليون المتجنسون في خلق أرضية مجتمعية للتطرف أدت إلى نشوء حواضن اجتماعية في الغرب الأوروبي لما سمي لاحقا بالارهاب الأصولي، وتحول هؤلاء تدريجيا نحو العداء ليس للنظم فقط ولكن للدول التي احتضنتهم مستغلين هوامش الديمقراطية وحقوق المواطنة، وصار شتم "النصارى" مألوفا في مناطق معروفة في لندن وباريس، ووصل الأمر بأبو حمزة المصري إلى الإعلان صراحة، وهو في لندن، أن بريطانيا ليست الا مرحاضا يقضي حاجته فيه! في خضم هذه الفوضى وفي زمن الدم الذي يسيل على أرصفة العواصم البعيدة، وفي قلب مدننا وحواضرنا، نجهد في التوقع ومحاولة الاستخلاص، لكن الصورة تزداد تعقيدا كلما ترسخت الازدواجية الغربية التي تتجلى في الصمت على جرائم الإرهابيين بحق العرب، والغضب الكبير من جرائمهم في أوروبا. وفي قلب هذه الفوضى أيضاً، تبدو اسرائيل هي الطرف الوحيد الذي يظل بمنأى عن الفعل الداعشي والقاعدي والأصولي الظلامي بكل تشكيلاته.
 ونظل نسأل:
لماذا تحترق بلادنا وتنجو اسرائيل؟! إنها الفوضى التي يكتشف حلفاء واشنطن في أوروبا أنها ليست خلاقة على الإطلاق.