adsense

2021/12/27 - 8:49 ص

بقلم عبد الحي الرايس

للصورة وقعُها الخاص في الإعلام، وقد يُجْتَزَأُ بها أحياناً دون تعليق، فتكون ـ إذا أُجِيدَ التقاطُها ـ أبلغَ وأوفى .

ولكنَّ للكلمة دوْرَها هي الأخرى، خاصة حين يغيب الإبصار، أو لا يتأتى التواصلُ إلا عن طريق المقروءِ أو السماع.

عندها يصيرُ للكلمة شأنٌ أيُّ شان: يَسترخصُها البعض فيتداولونها كيفما اتفق، ويبتذلونها استهانة ولامبالاة، أو تملقاً لمتدني الأوساط.

ويُعْلِي شأنها آخرون، فَيُولُونها الاعتبار، ويتروَّوْن في تحريرها، أو النطق بها حتى تأتي في السياق،

وافيةً بمنطوق الخطاب، واصفة للوقائع والأحداث، ناقلة للتجارب والأفكار، مترجمةً للمشاعر والوجدان، مُحَفِّزة على المبادرات والأعمال.

وهنا تتمايز الكلمات، بين أنساقٍ لغوية سليمة المبنى، مُوفِيَةٍ بالدلالةِ والمعنى، وبين كلامٍ يُلقَى على عواهنه، تَعَلُّلاً بأن الهدف إيصالُ الخبر، وإحداثُ الأثر، دون إلقاء بالٍ لِلَحْنٍ أو خَطإ.

وفي ذلك  تتفاوت أعمال الناس وتختلف

وللإعلام وقعه الخاص، فهو إذا صَفَتْ مشاربُه، وسمت لغته، تسلل إلى الألباب، واستوطن الوجدان، وهفت إليه النفوسُ والأسماع.

والمفارقاتُ صارخةٌ واضحة بين إعلام وإعلام

إعلام يباشره مختصون مُولَعُون، لِسَليم اللغة يُوَظفون، وللصواب يلتقطون، وإذا نُصِحُوا يَنْتصحُون، فتجدهم فيما يُحررون ويكتبون، يُفيدُون ويُمْتعون، وفيما يُؤدُّون ويُلْقون، يُقنِعون ويُؤثرون.

هم يَصْدُرُون عن مَلَكَةٍ وسليقة، والمَلَكةُ لا تُكتسَبُ صُدفة، والسليقة لا تُصْقلُ فَجأةً، وإنما يُمَهِّدُ لكل ذلك عزم ٌومثابرة، وجهد ومُكابدة، ودُربَة ومِران، وتطويعٌ للقلم واللسان.

وإعلامٌ يقوم على العفوية والارتجال، دون تَرَوٍّ ولا كبيرِ عناء، والارتجالُ محمودٌ إذا أتى بعد تمكُّنٍ وطول مِرَاس، ولكنه مذمُومٌ إذا جاء بإسْفاف، وكان ناجماً عن لامبالاةٍ وقلةِ اهتمام.

ويبقى أن الإعلام رسالةٌ للتوعية والتثقيف، والتعبئة والتهذيب، وخيرُ الإعلاميين من أقبلوا عليه بموهبة، وصدروا فيه عن تَمَرُّسٍ وتجربة، فأجادوا التقاط الصورة، وأحسنوا توظيفَ وأداءَ الكلمة.