adsense

2021/11/10 - 9:38 ص

بقلم عبد الحي الرايس

يُؤمنون بإمكانية تخطِّي العقبات، وجعلِ المستحيلات ممكنات، يَصْدُرُون عن قناعات، وتسْمو عندهم الغايات، فتشحذُ لديهم العزائم والإرادات.

هُمْ أفرادٌ ودولٌ وجماعات:

ـ ثريا حصلتْ على الشهادة الابتدائية بامتياز، وأقْعدتها تقاليدُ العائلة عن مواصلة التعليم المدرسي بضع َسنوات واصلتْ أثناءها القراءةَ والتعلُّمَ الذاتي بشوق وحُرقة، ثم انتفضتْ وتحدَّتْ تقاليدَ الأسرة، وأسْعفها الحظ بدعم من المُحيط القريب، فتداركتْ أمْرَها، واختزلت السنتيْن في سنة، وارتقتْ سُلَّمَ النجاح، بعزم وذكاءٍ وثبات، فصارتْ طبيبةً مُتميزة، تحظى بثقة رفاقِ المهنة، وتقديرِ الناس.

ـ وحفْصَة حققت التفوقَ على مستوى الجهة، مما أهَّلها للالتحاق بثانويةِ التميُّز بكل ما تمْنحُه من دعم واعتبار، كادتْ إرادةٌ جَدِّها أن تَحُولَ بينها وبين مواصلة المسار، لولا مساندةُّ أُمٍّ وجمعية، وتشبثُها بتحقيق الذات، والمضيٍّ في المسار بعزم وإصرار.

ـ وسَلْمى ذاتُ الخمس سنوات، تجلسُ على حافة الرصيف تنظر بحسرةٍ وإحباط إلى حافلة النقل المدرسي تتنقلُ بالأطفال، وترْنُو ببصرها إلى السماء بين يأس ورجاء، تشاءُ الصُّدَفُ إلا أن تُلْتَقَطَ لها صورة، تَدَاوَلَها الكثيرون، واستوقفَتْ ضميراً حياًّ، فكان البحثُ والتقصِّي، ثم كانت المبادرة إلى إنصافها وإلحاقها بأتْرَابها بكل ثقةّ ٍواعتداد.

ـ ومُعلٍّمون عُيِّنُوا في مناطقَ ثلجيةٍ وقُرى نائية، تفتقدُ أبسط وسائل العمل، وحُسنِ التنشئة، فرفعوا شعارَ أن "المربي المثالي هو الذي لا ينتظر الظروف المثالية" أعْمَلُوا الفكرَ وشغَّلُوا الإرادة، وفعَّلوا روح المبادرة، فأحالوا الفصول المتهالكة إلى فضاءاتٍ مُغرية بالتعلم مُلْهمةٍ رائدة.

ـ ودُوَلٌ بلا ثرواتٍ ولا موارد، راهنت على الثروة البشرية فيها، وجعلت وُكدها وغايتها الاستثمارَ في الإنسان، فعوَّلت على التعليم، ورفعتْ قدْر المعلم بين الناس، ولم تستثنِ من التأهيل أيّاً كان، فكان لها السبقُ والنماء، والشموخُ والاعتداد.

ـ وغيرُها حققت الرفاهَ ورغدَ العيش، وصارتْ مطمحَ الحالمين بالهجرة، أبَتْ إلا أن تتواجدَ مع غيرها، وتمُدَّ طوقَ النجاة لدولٍ تسيرُ على درب النماء، فأحدثتْ برنامجاً يَرفعُ التحديات، تُجْمَعُ له المليارات، وتُرصَدُ لدعم المبادرات.

ـ وجماعاتٌ وجماعات، بعضُها يكتفي بتدبير المُمكن في مواجهة الحاجيات، ويتعلل عما سوى ذلك بالمعوِّقات والإحباطات، وبعضُها يرفع سقف الانتظارات، يُعبِّئُ الإمكانات، ويتعبأ لجلب الموارد وتذليل الصعوبات، لا يقنع بالقليل، ولا يتوانى في جعل المستحيلاتِ مُمْكنات.

قَدَرُ الإنسان أن يتلاءمَ مع الظروف، ولكنَّ مِيزتَهُ الكبرى أن يُفجٍّر لديْه طاقاتِ الابتكار، والسبقِ والإبداع، حتى يكون َلِحَياتٍه معنى، ويَجْعلَ تجربتَه ومُرورَهُ أنْفَعَ وأجْدَى.