adsense

2020/03/31 - 6:43 م


بقلم عبدالحي الرايس
هُمْ كسائر الْخَلق بَشَر، ولكنهم مَهْوُوسُون بِحُبِّ الوطن، ومَنْ شَغفَهُ الْهُيَامُ لا يُبَالِي بما كَسَب، يَبْذُلُ في سخاءٍ يُثيرُ الْعَجَب.
في ماضينا تحدَّثَ الناس طويلاً عن نساءٍ كُنَّ يتجرَّدْنَ من حِلْيِهن إسهاماً في دَعْم حركة التحرير، وعن مُوسِرينَ كانوا يُغْدِقُون بسخاءٍ دون ادخار ولا توفير، كان العهدُ عهدَ احتلال، وكان الرهانُ كلُّ الرهان التحرر والانعتاق.
وفي حاضرنا نعيش أزمة جائحةٍ تعزلُ الدول، تعصفُ بالأرواح، تُضعفُ الاقتصاد، وتُذكِّرُ ـ في ذروتها ـ بيوم الحساب، "يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه"
 وستمرُّ الجائحة كالعاصفة مُخلِّفة وراءَها زعزعة للاقتصادِ والكيان.
ونلتفتُ إلى ما حولنا، فإذا بها قد أحيت فينا نبيل القيم: تضحيةً ونكرانَ ذات، تضامناً وإسهاماً من غير حساب، فالشدة تزول ويبقى الوطن.
ونؤوب إلى واقعنا لنفكر في آتينا بكل ما يحفل به من تحدياتٍ لا تدع مجالا للتردد في الاختيار:
فإما تعبئة وإمعانٌ في التضحية ، وإما أثرة وانكفاءٌ على الذات.
ولن يُنجينا غيرُ التوجه أوَّلاً نحو بناء الإنسان، حتى لا يعودَ بيننا أمِّيٌّ ولا متشرد ولا جائع ولا عريان
وبعبقرية الإنسان تُبْنَى الأوطان، فحين يحظى كافة المواطنين دون استثناء بموفور العناية، وكامل الرعاية، ويُمنَحُ كلٌّ فرصته في تحصيل الكفايات، وتحقيق الذات، تتمايز الكفاءات، وتتكامل الاختصاصات، ويسعى كلٌّ في سبيله، مُسْهِماً بما لديْه، فيتحقق النماء ويَعُمُّ الازدهار.
وكل ذلك لن يتأتى إلا بإسهام جماعي في النهوض من الكبوة، وتحقيق الصحوة، وإحلالِ التنافس في دعم الاقتصاد، وتأهيل الإنسان محل التهافت على المواقع، والتسابق نحو المغانم.
والساعون إلى ذلك العاملون عليه، هم الصادقون الذين يُجسدون بحقٍّ "بُنَاةَ الوطن".