adsense

2019/07/27 - 11:56 م

بقلم الأستاذ حميد طولست
مشهد مهيب لم أر مثله قط  خلال سفرياتي العديدة على متن القطار، منظر أثلج صدري وأزال عن نفسي عناء السفر ومشقّته ، وأرغمني على الإنحناء إجلالا وإكراما للإمام الشيخ الفقيه الحاج "الفيس" على نجاحه الباهر في إجبار ركابي القطار من الرجال على مختلف أعمارهم وتنوع الأوساط المجتمعية ، التي جبلت ، مع الأسف ، جلها -إلا من رحم ربي-  على توظيف عيونهم للتجسس المجاني على تفاصيل العابرات من قمة رؤوسهن إلى الأحذية التي ينتعلنها ، أجبرهم على التحلي بفضيلة "غض البصر" واحترام خصوصيات النساء اللواتي عانين الأمرين ، ولازلن ، مع النظرات الفضولية الجاحظة الماشطة لقامة أجسادهن كآلة الماسح الضوئي " السكانير "..
الفضيلة التي أخفق أوصياء الدين ورجاله ودعاته وشيوخه في نشرها بين الرجال ، بتقاعسهم المتعمد عن هداية المسلمين إلى تعاليم الدين السمحة الصحيحة ، وقيمه النبيلة المهذبة للنفوس والمرتقي بأصحابها إلى مصاف الإنسان الاجتماعي الصالح المحترِم لأخلاقيات وضوابط مجتمعه ، المراعي لمرجعيات حرية غيره الدينية والمذهبية والإثنية والعرقية والثقافية ، والمعترف بهويته الفردية والاجتماعية والسيكولوجية ، وغيرها من الخصال التي تجعل السلم والأمن والأمان يسود المجتمعات .
الأمر الذي شكل ويشكل إذانة فضيعة لكل الذين يرفعون شعارات نصرة الدين والشريعة والأخلاق ، لإضفاء القداسة الدينية على أفكارهم وأحاديثهم ، وسلوكاتهم ، وتصرفاتهم ، التي ليست من الدّين في شيء ،  وإنما هي طقوس فلكلورية ظاهرية للرياء والتباهي ، وإيهام الناس بأنهم الأكثر تدينا وصلة بالسماء ، والأفضل أخلاقا ، بينما أن حقيقة أكثريتهم ، أنهم أكثر الناس تسفيها لمصداقية الدين ، واكثرهم انتهازية ووصولية وارتشاء ، وتعد على النساء وهدر لحقوق الأطفال ، وبالمجمل الصريح ، فهم الأكثر فسادا وإفسادا للبلاد والعباد بما يشعونه في المجتمعات الإسلامية من كذب ونفاق وتملق ومداراة ودجل ، مؤدٍ إلى الإحباط و الانهزامية التي تغيب معها كل معان ومفاهيم الانتصار المؤدّية إلى استحالة مواكبة العقلية العربية لتطور الإنسان والإنسانية ، لأغراض سياسية وأيديولوجية إسلاموية صرفة..