adsense

2019/07/23 - 12:30 ص

بقلم الأستاذ عبد الغني فرحتي
أصابني حرج كبير، عندما طلب من صديقي الهولاندي زيارة مقر النادي الرياضي الذي يعرف شغفي الكبير به. في الحقيقة، قلما فكرت في هذا الموضوع، لكن أمام هذا الطلب، أدركت كم نحن سطحيون في تفكيرنا، كم نحن أغبياء. ننشغل بالراهن والمظهر، تخدعنا الانتصارات العابرة التي يجود بها القدر والصدفة. انتصارات، على الرغم من قلتها، ظلت دوما الشجرة التي تخفي الغابة.
فارتباطا بمنافسات كأس إفريقيا المقامة مؤخرا بمصر، تبوأنا المرتبة الأولى من حيث الأموال التي تصرف على مجال كرة القدم وعلى الفريق الوطني، لكننا، تذيلنا الترتيب وعدنا مرة أخرى إلى اجتراع مرارة الانكسار. الإحباط، على مستويات عدة، أصبح ماركة مغربية مسجلة. اللهم لا حسد.
لو كانت تلك الأموال الضخمة جدا تصرف في جزء منها على تأهيل الأندية الوطنية وتوجيهها ومساعدتها على التوفر على البنيات التحتية وعلى مقرات تواكب ارتقاءها من الهواية إلى الاحتراف ، لو تم ذلك، ما كان الحرج يجتاحني ويزلزل كياني، عندما طلب مني صديقي الهولاندي زيارة مقر النادي الذي طالما حدثه عنه، بل إني في إحدى المرات، أهديت له قميص فريقي المحبب اعتزازا وفتخارا.
تخيلت، وكأني أعيش في منامي كابوسا مزعجا، أني تجاوبت مع رغبته، أني أخذته إلى نادي فريقي الذي يعود تأسيسه إلى أكثر من سبعة عقود، فماذا سنجد؟
بناية متهالكة، رغم محاولة تجميل الواجهة. باب ضيق، يقف بجانبيه شابان مفتولا العضلات لغاية معروفة، لا شك أنكم حدستموها. عندما نتجاوز الباب، نجد كراسي موضوعة في فضاء مفتوح، تظللها أشجار مهملة، تحيط المكان بمزيد من الكآبة. زوار النادي منهمكون في "المساهمة في تمويل الفريق" من خلال ما يستهلكونه من مشروبات كحولية "بأثمان تفضيلية". بعد ذلك، نصادف مدخلا نحو قاعة فسيحة، لا تتميز عن الفضاء الخارجي إلا بوجود موائد يتحلق حولها " فدائيو النادي" يتسامرون ويتبادلون الأحاديث في كل شيء إلا في وضعية النادي وواقعه ومستقبله.
مجرد تخيلي لذلك، صرت أتصبب عرقا وازداد نبضات قلبي. حمدت الله أن ذلك كان مجرد كابوس متخيل. أصبح همي الأن مركزا كل التركيز على إيجاد مبرر يخلصني من الحرج ويستأصل هذه الفكرة اللعينة التي انبثقت في ذهن صديقي. تمنيت لو عادت عقارب الزمان إلى الوراء، إلى ذلك اليوم، الذي أخذني فيه إلى مقر النادي الكبير للعاصمة الهولاندية. احتراما لذكائكم، لن أخوض في المقارنة.
منذ أن سكنني هوس كرة القدم، أواسط ستينيات القرن الماضي، ونادي فريقي على هذا الحال من البؤس والضيق. أما كان من الممكن لتلك اللوحة الموضوعة فوق مدخل النادي أن يكتب عليها: حانة نادي.... عوض نادي.....أمام وضع مثل هذا، بماذا يمكن أن نشعر ونحن نسمع عن هذه الميزانيات الضخمة التي تصرف على كرة القدم ببلادنا وعن هذا السخاء الكبير في أجور الطواقم التقنية المتعاقبة على الإشراف على المنتخبات الوطنية، فتيانا وشبابا وكبارا، والتي أصبح أقسى ما يمكن أن تحلم به هو الظهور بوجه مشرف أمام منتخبات موريطانيا والبنين وجيبوتي و.. و..؟، يتبع  ..