adsense

2016/12/30 - 11:19 ص


علي انوزلا
يعيش حميد شباط الأمين العام لحزب “الاستقلال” هذه الأيام أسوأ لحظات مساره السياسي. فالرجل الذي ظل يراكم الثروات والمسؤوليات التي اغتصب أغلبها بالعنف واستعمال القوة والضغط والمزايدة، يجد نفسه اليوم وحيدا بعد أن هاجمه أقرب الأصدقاء قبل الخصوم والأعداء. وحتى الجماعة الصغيرة ممن ربطوا مصالحهم بالبقاء إلى جانبه سرعان ما سينفضون من حوله عندما يضيق الحبل حول عنق “عرّابهم.
أعرف أن شباط اليوم لا يحتاج إلى من يهاجمه أو يذكّره بماضيه، فيكفيه ما يتلقاه من طعنات من الخلف من الأصدقاء ومن أبناء وزعماء نفس الحزب الذي يرأسه، أما ما يأتيه من ضربات من حلفاء الأمس وخصوم وأعداء كثيرين ألبهم بأسلوبه الشعبوي ومزايداته الخرقاء، فهذا جزء من اللعبة التي ألِف شباط نفسه أن يلعب داخلها نفس الأدوار عندما كان يريد التزلف إلى المخزن والتقرب منه.
إن تصريح شباط حول موريتانيا، التي اعتبرها جزءا من امتداد التراب المغربي جنوبا، ليست سوى القشة التي قصمت ظهر البعير، لأن الرجل سبق أن أدلى بتصريحات مماثلة تجاه الجزائر ولم تقم “القيامة” التي أحدثها تصريحه الأخير.
كما أن قوله مؤخرا بأن مستشارين ملكيين هما فؤاد عالي الهمة والراحلة زليخة الناصري، تدخلا شخصيا لفرض أعضاء حكومة عباس الفاسي (الأمين العام السابق لحزب الاستقلال) في عام 2007، لم يحمل أي جديد، فقد سبقه إلى الكشف عن هذا التدخل السافر في اختيار وتعيين وزراء واحدة من أضعف الحكومات التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة، مصطفى المنصوري، الأمين العام السابق لحزب “التجمع الوطني للأحرار”، ودفع الثمن آنذاك غاليا عندما أطيح به من رئاسة حزبه في انقلاب أبيض دُبِّر في واضحة النهار، وجيء بصلاح الدين مزوار رئيسا على الحزب الذي لم يكن يعرف بوجوده إلا عندما شارك أول مرة في حكومة التكنقراطي إدريس جطو عام 2002 باسم الحزب الذي سيترأسه خمس سنوات بعد ذلك، قبل أن يطاح به هو الآخر هذا العام، بعد أن استنفذ الغرض، ليٌنصب عزيز أخنوش “زعيما” جديدا على الحزب الذي ولد في القصر في سبعينيات القرن الماضي وما زال لم يقطع الحبل السري معه.
هناك اليوم بعض المحللين الذين يريدون أن يصنعوا من شباط بطلا، فقط لأنه حشر نفسه في الزاوية ولم يعد أمامه من مخرج سوى الهجوم، لذلك أصبح يطلق الكلام على عواهنه، وأغلبه مزايدة قبل أن يكون مصارحة أملتها الشجاعة التي ظل الرجل يفتقدها وما زال. فقد كان حريا بشباط، بدلا من الحديث عما وقع أثناء تعيين حكومة سلفه في الأمانة العام على الحزب عام 2007، أن يكشف عن الجهة التي دفعته عام 2013 إلى شق عصا الطاعة ضد حكومة عبد الإله بنكيران، التي كان يريد إسقاطها، واليوم يسعى ويتودد إلى المشاركة في نسختها المقبلة!
شباط، لا يمكن أن يكون بطلا حتى لو شرب من لبن السباع لأن البطولة تحتاج إلى الشجاعة، وهذه لم تكن في يوم من الأيام تهورا أو مزايدة وإنما هي قيم وأخلاق.
انتقاد شباط اليوم، لا يعني أن كل من ينتقده، هو جزء مما يسميها “مريدوه” بـ “الجوقة”، وهجومه على المخزن مؤخرا لن يطهره من كل أخطائه. كما أن الهجوم عليه لا يعني أن خصومه ملائكة أو إنهم أبطال وشجعان.
شباط ليس سوى حلقة ضعيفة في صراع موازين القوى بين القصر وحزب “العدالة والتنمية” الإسلامي، وإذا كان هو قد اختار معسكره فعليه أن يتحمل مسؤولية اختياره حتى النهاية، وهو الاختيار الذي بدأ يضيق أفقه.
وأخيرا، فإن “معركة شباط الأخيرة” حملت معها ما هو إيجابي، فهي على الأقل أعادت مرة أخرى التأكيد على عبثية اللعبة السياسية في المغرب، حيث اللاعبون مجرد “كومبارسات” يحركون من وراء حجاب مرة للعب أدوار شريرة ومرة أخرى للعب أدوار البطولة، لكنها بطولة من ورق كما هي البطولة التي يدعيها شباط اليوم أو يحاول أن ينسبها إليه مريدوه وبعض ممن يريدون رفع إيقاع دق الطبول للإسراع بنهايته.