adsense

2016/07/28 - 2:11 م



بقلم الأستاذ حميد طولست
غالبيتنا تعرف أن المسؤولية والديمقراطية والإنسانية تتمثل في الشخصية الغربية التي جعلت من قيم مبادئ الديمقراطية التي تربت على مفاهيمها التي فعلت فعلها السحري في مجتمعاتها منذ إنتفاضات الحرية قبل قرون من الزمن ، خيارا لا مناص لهم عنه ، يلجأ إليه مواطنوها مهما كان وضعهم الاجتماعي أو موقعهم السياسي ، كلما زلوا أو أخطؤوا ، دون الخوف من الاعتراف بالخطإ إن وقع ، ولو كان مجرد زلة أو خطأ بسيط وغير متعمد ، لأن مبدأ الاعتراف بالأخطاء المهنية أو التقصير الوظيفي أو الإخلال بالواجبات الملقاة على عاتق المسؤول الذي يضطلع بتدبير الشأن العام ، يعتبر عندهم بمثابة مؤشر قوي على مدى النضج السياسي ، وعلى قوة ومثانة البناء الديمقراطي في المجتمع الذي ينتمي إليه، كما فعلا على سبيل المثال " كاميرون" البريطاني ، حين إستقال من رئاسة الوزراء بعد فشل الإستفتاء على مشروع البقاء ضمن المجموعة الاوروبية ، و كما فعل " ستيفن هاربر " رئيس وزراء " كندا " الذي استقال من رئاسة حزب المحافظين بعد الفشل في الإنتخابات الكندية ، وغير ذلك من الأمثلة والشواهد الكثير التي تمثل الصورة النمطية أو المثال الأقرب لمفهوم العمل السياسي الديمقراطي الرامي إلى خدمة الوطن والمواطنين كما حددته روح وفلسفة الممارسة الديمقراطية التي يصبو إليها أي مجتمع على وجه البسيطة، والذي يمكن استجلاؤه بوضوح في النموذج البريطاني الكامن في ديمقراطيتها العريقة وآليات الرقابة الذاتية أو المؤسساتية الفعالة ، والمتجلي في أعراف ديمقراطيتها المشهود بقدمها و تجذرها في المجتمع البريطاني ، الذي تفصل بينه وبين عوالم ديمقراطية متبوئي السلطة في البلاد العربية عامة وبلادنا خاصة ، فوارق لا توصيف لها .
فإذا كان تحمل المسؤولية يعتبر في الديمقراطيات العريقة تكليفا يستدعي التوفر على مؤهلات علمية وأكاديمية خاصة ، لتنفيذ برامج محددة ووعود انتخابية واضحة ، لخدمة الوطن والمجتمع والعمل على تحسين ظروفه المعيشية والخدماتية، بعيدا عن الخطأ والزلل ما أمكن في تطبيقها ، فإن واقع حاله {تحمل المسؤولية} يختلف في بلادنا وفي الكثير من الدول العربية -التي ما زالت الديمقراطية لم تنضج فيها ، وتتطلب  الكثير من الترويض والتدريب - عن الديمقراطية الغربية التي تعوض عنها الرموز البشرية التي تدير شأن المجمّع بالفوقية والاستعلاء والغرور والعجرفة والصلف الذي لا ححدود له والذي يشعرهم  ، أنهم أصاحب الحكم المطلق بلا منازع ، وأنهم فوق الجميع  ، وأنه ومن حقهم أن يكونوا فوق أي مساءلة أو محاسبة أو نقد مهما كان نوعها أو كانت لطافتها.. ما وترعاه فقد تحولت مع الأيام إلى نخبة فاسدة إلى أقصى الحدود وواعية بنفسها ولنفسها كطبقة حاكمة مغلقة تتصرف بصلف معتبرة
فهل يمكن لمن كانت هذه مفاهيمه عن السلطة من اء المسؤولن الساهرين على شؤون المواطنين  ، أن من يتحملوا مسؤولية الأخطاء التي يمكن أن تنجم عن تدبير الشأن العام سواء عن قصد أو غير قصد، ويجرؤ على تقديم استقالته من المنصب الذي يحتله .
حل يمكن أن يفعل ذلك من يكفر بكون السلطة تكليف وتجند لخدمة الوطن والمواكن ، ويؤمن بأنها غنيمة تمكن الفائز بها من إطلاق عنان شهواته السلطوية وغرائزه التحكمية للانتشاء بسكرات السلطة وجبروتها ، والتفرد بإتخاذ ما يريد من القرارات والقيام بكل الصفقات المشبوهة وغير القانونية ، حتى لو كانت لا توافق مصلحة الوطن وسمعته وصحة وسلامة مواطنيه وبيئته كالصفقة الغامضة والمثيرة للجدل المتعلقة باستيراد النفايات الإيطالية .
فما أحوجنا إذن لإجراء نقذ ذاتي و إعادة النظر في مفهوم السلطة باعتبارها تجندا لخدمة الوطن و المواطنين و ليست وسيلة لتحقيق أهداف شخصية ، وما أحوجنا أيضا إلى إرساء آليات الحكامة الجيدة والرقابة و المحاسبة ومحاربة كل مظاهر الفساد التي تلازم التدبير الشأن العام وما يترتب عنه من امتيازات تسيل لعاب الكثيرين ..