adsense

2023/01/04 - 8:33 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

ضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية بخبر تخلي كريستيانو رونالدو عن نادي عشاقه وجماهيره بالملايين للتحاق بنادي النصر السعودي من أجل ملايين الدولارات وما لسحرها من مفعول في تغيير مبادئ الوفاء ، و تبديل معاني الولاء ، وتقويض معايير الانتماء.

الخبر الذي هللت له جماهير المستديرة دون أدنى لوم ، أو أبسط عتاب ، أو نعث للصفقة بخيانة الملح والعشرة ، وانتشر على نطاق واسع كالنار في الهشيم ، فارضا نفسه -رغم انقسام الآراء واختلاف نغمات التعليقات - كواقع مقبول في سوق لعبة تحررت من كل القيود وتخلت على كل القيم الرياضية والإنسانية، وحلت فيها لغة المال ومبادئ الرأسمالية المتوحشة محل الانتماء والولاء وغيرها من قيم كرة القدم التي غدت عملة قديمة صدئة ، يلقيها أغلب اللاعبين خلف ظهورهم أمام عوامل العرض والطلب المعتمدة في أسواق المال المفتوح التي أصبحت هي اللغة الرسمية في عالم كرة القدم  الحديثة ، التي كانت ،إلى زمن غير بعيد،  أكثر لعبة شعبية يمارسها الفقراء بمتعة ساذجة وتنافسية طوباوية بكل شغف وحُب وتعلق بشعارات أنديتها ، عكس الرياضات البورجوازية التي تحتاج ممارستها ومشاهدتها للكثير من المال، مثل التنس والغولف.

صحيح انه من حق رولندو كما غيره من لاعبي كرة القدم-في خضم ما ألم بعالم كرة القدم من تدهور قيم الوفاء ومبادئ الانتماء ومعان الولاء - أن يبيع نفسه لمن يدفع أكثر ، لكن الذي ليس من حقه ، هو اللعب بمشاعر الجماهير التي تحبه  كأسطورة رياضية وليس كماركة تجارية تروج لها الشركات الكبرى المتخصصة في صفقات بيع اللاعبين والمضاربة بهم في البورصة، الأمر الذي اختلفت حوله الآراء وتفاوتت ما بين تأييد ومعارضة، وسطحية وتعمُّق، وعاطفة وعقلانية.

أما بالنسبة لنادي النصر الذي يطلق عليه "العالمي"- فمن حقه كنادٍ فائز بالدوري السعودي 9 مرات آخرها في 2019،  وكأول نادٍ مثل آسيا في كأس العالم للأندية عام 2000- أن يمني النفس بأن يؤدي تعاقده مع البرتغالي رونالدو - الحائز على الكرة الذهبية خمس مرات - لتحقيق المزيد من الألقاب على أعلى المستوى القاري والعالمي.

ملخص القول هو أن العولمة سرقت كرة القدم من أقدام الفقراء وحولتها لدجاجة تبيض ذهباً للأغنياء..