adsense

2021/08/09 - 2:22 م


 بقلم عبد الحي الرايس

مع مطلع ثمانينيات القرن الماضي استشعر المنتظم الدولي مَسِيسَ الحاجة إلى تجاوُز المخاطر التي صارت تتهدد كوكب الأرض ومستقبلَ الحياة عليه، بسبب اندفاع الإنسان في التصنيع من غير تحسُّبٍ للتداعيات وسَلْبِيِّ التبِعَات، وأيقن الجميع ضرورة التواضع على شروطٍ لاستدامة التنمية أجْملوها في ضمان التوازن بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، تلْبيةً لحاجيات الأجيال الحالية، دون المساس بمتطلبات الأخرى القادمة.

ومع تزايُدِ استعمال مُصطلح "التنمية المستدامة" واهتمام قمم الأرض ببلورته وتفصيل شروطه، وصياغة أهدافه، اشتُقت منه شعارات: المدينة المستدامة، والتعمير المستدام، والنقل المستدام، والفلاحة المستدامة، وغيرها، وصارت الاستدامة عنواناً على التوجُّه بكل مجالٍ اقترنَتْ به نحو توفير أسباب الترشيد والبقاء، وإقصاء كل عوامل الهدر والإتلاف.

وبدا واضحاً أنْ لا شيء من ذلك يتحقق في غياب المواطنِ المُستدام، وهو المسكونُ بهاجس الحفاظ، والتخليص من الشوائب والمَضَارّ، المُنخرط في كل عملٍ بنَّاء، الناقل لهذا القَبَسِ إلى كل المعارف والأبْناء.

تحقق ذلك في دول فعمَّها الخير والصفاء، وتيسَّرتْ لها أسبابُ استدامةِ اليُسْر والنماء.

وأخطأت السبيلَ إليه أخرى شاع فيها تداوُلُ الاستدامة بمعنى التشبث بالمواقع والمناصب، واجترارِ نفسِ التجارب، وإحالة ِالممارسة إلى مُستنقعٍ راكدٍ آسِن، فأضاعت البوصلة، وضلت طريقها نحو السبق وربح رهان العولمة.

ويبدو أنه آن الأوان لتطويق التطلعات المُتهافتة، والمُمارسات الخاطئة، لتصحيح مسار الاستدامة المتوثبة الهادفة، فلا شيء غيرها يُلبي احتياجاتِ الأجيال الحالية، ويضمن حقوق الأخرى القادمة، ويُحقق طموحاتِ الأمَّةِ الناهضة.