adsense

2021/08/12 - 10:22 ص

بقلم الأستاذة امال السقاط الضخامة.

في ظل الأحداث التي صرنا نعيشها مع فيروس كورونا ومداعباته المباغثة،وحيث إن العطلة الصيفية قد أوشكت على نهايتها ، نجد جل الاباء يتساءلون عن نمط التعليم الذي  ستفرضه مستجدات هذا الوضع او ذاك على ابنائهم  ،وإن كان ، سيكون تعليما حضوريا او وحسب ،  تعليما عن بعد، بينما نجد فئة اخرى من جمهور أولياء الأمور يتساءلون عن اي دور على المعلم نهجه و ضبطه، اتقانا لمهمته واخلاصا لمهنته ولرسالته التربوية قصد التحصيل النافع والناجع لدى طلابه.

لا جدال  أن  المدرس /المعلم.، كان ولا زال ، وسيظل وفي جميع الأحوال كيفما كانت ،هو قائد العملية التعليمية بامتياز، ولعل هذا ما يحتم عليه بادئ ذي بدء معرفة كيفية توصيل وتبليغ الرسالة التربوية ،بشكل يراعي فيه شخصية المستقبل وكذا مدى رد فعل هذا الأخير اتجاهها،لانه  امام انسان، وليس امام آلة كما هو الشأن في باقي القطاعات الاخرى،وهنا نسأل وبشكل مشروع،هل دور المدرس في العمل التربوي محدد ام انه حسب الموقف؟ وهل يمكن فعلا وضع خطة مسبقة يحدد فيها ما يجب على المدرس القيام به؟ام إن المدرس عليه التسلح بكل الوسائل ،وعلينا ان ننظر اليه كجندي ورجل حرب ،وبالتالي عليه ان يتوقع كل الاحتمالات الممكنة في الميدان؟هذا مع الوضع الحضوري العادي،فكيف سيكون الامر ياترى ، مع وضع مستجد، بحيث يتطلب منه ،من المهارة  الكفاءة والخبرة المهنية الشيء الكثير ، و من الحكمة والروية والمعرفة البيداغوجية العميقة  والمنهجية المتمكنة القدر الوفير كل ذالك مع الممارسة العلمية المعينة الدقيقة والمساعدة له على الوصول الى الأهداف المسطرة والمحققة للمردودية المنشودة وبالجودة المقصودة.

في الواقع كلما امعنا النظر في دور المدرس /المعلم ،الا ووجدناه فعلا جد صعب ،.لكونه والحالة هذه ،تفرض عليه ان يتقمص بدل الشخصية الواحدة شخصيات عدة:فعليه ان يكون منشطا،فكاهيا مربيا،معلما،قائدا،رساما،خطاطا،ابا ،اما،موجها،قاضيا،مرشدا، اخا،رياضيا،محللا.....بمعنى أوضح أن يكون  القدوة او المثل الاعلى ،او كل ما نريد من ابنائنا ،وكل ما نطمح ان يكون مستقبلا لاطفالنا،لانه هو النموذج الأمثل للتلميذ ،والصورة الاجمل والاقرب، ولربما الاحب والافضل له ايضا.لدرجة يمكنه التأثيرعلى الطفل/ التلميذ او الطالب ,اكثر من تأثير ابويه عليه، فكيف لنا  بالتالي اصلاح التعليم دون النظر  الى هذا الرجل القائد الذي هو كل شيء في حقيقة الأمر بالنسبة للتعليم؟!

فلا إصلاح دون اصلاح وضعية المدرس النفسية والاجتماعية و المادية و الاقتصادية و المعرفية ،هذا في الوقت الذي نجد وضعية مدرسينا اليوم في تدهور مستمر من السيء الى الاسوء،فقد اصبح يعنت  بكل النعوت السلبية،لكن الا يكفي هذا ام ان الامر مقصود فعلا من جهة ام  من اخرى.....!؟

إن الوضعية السوسيولوجية  للمدرس  اليوم ،وبدون اي بحث  ميداني قد اصبح يطبعها اليأس و النفور التام ،لما يتعرض إليه من  مضايقات ، في الوقت الذي  نريده  ان  يصلح  المجتمع،بل ونحقق به التنمية ، ولعل هذا الامر قد  اثر  و بشكل كبير على مردوديته و على مهنيتهوبالتالي ، على العمل التربوي بشكل عام.ولا يمكن  الحديث عن  أزمة  التعليم المستعصية دون النظر الى الوضعية السوسيو تربوية لقائد العملية التعليمية ،والذي يعاني هو ايضا  من مشاكل داخل المدرسة،سواء تعلق الأمر بكثرة  المواد المنوطة إليه ،او من تصرفات  بعض التلاميذ ، بسبب التفاوت الفكري  والعقلي للاجيال ،او بسبب المحسوبية التي  قد ينهجها بعض المديرين  مع بعض المدرسين للاسف الشديد  ،مما يخلق جوا متوثرا في العمل،بالاضافة الى  سياسة التقشف التي تواجهها الدولة اتجاه التعليم ،ففي الوقت الذي يعسر  التوفر  على مكتبة حقيقية  وبالمواصفات الحديثة تقرب التلميذ الطالب  الى القراءة  الممنهجة والجيدة،وبلورة مختلف مهاراته الاخرى استجابة لميولاته،وكشفا واكتشافا لممكناته وتنويرا  ثم تطويرا  لقدراته ،بالممارسة الفعلية،والتعلم الذاتي الواعي والمدرك للمادة كمحتوى ومعنى ثم هدف فغاية، فإنه في بعض الحالات قد يعسر  التوفر  حتى  على قلم حبر للكتابة على السبورة المستحدثة الصغيره،بينما كان عليها ان توفر له ارقى الوسائل التكنولوجية من كومبيوتر،وانترنيت ،و.....و..... ،او على الاقل الأجهزة السمعية البصرية كوسيلة تعليمية تربوية  لتحقيق الجودة المسطرة والمنصوص عليها في الميثاق الوطني،ريثما تحظى كل المدارس العمومية بصبيب وافر من الأنترنيت يمكنها من مواكبة التطور التكنولوجي الحديث لاسيما مع الجيل الخامس ودهائه في تكنولوجيا  الذكاء  الاصطناعي النافع،  حرصا على مبدأ تكافؤ الفرص .هذا مع حاجة المدرس الماسة الملحة والمسترسلة للتكوين المستمر، حتى  يتمكن  من  تلبية جل حاجات التلاميذ التربوية التعليمية التعلمية والمعرفية بشكل علمي ممنهج ،هادف وطموح.

إلا أن ما قلناها لا  يشفع للمدرس ،وباي حال من الأحوال ،.تراجع او تدني مردودية رجل التعليم ،فهو دائما يطالب بأن يغير من اساليبه_لاسيما مع كل هذه المستجدات_ و إن يتاقلم مع التغيرات الجديدة التي تفرض عليه التسلح بالعلم والمعرفة الضروريين مع الخبرة والاتقان،وان يعمل بحب ورغبة وشغف، وبجد وحزم، ووعي وضمير ومسؤولية للنجاح في مهمته،لانها لا تقتصر على استيعاب و فهم المادة الدراسية وحسب، وانما عليه أن يأخذ بعين الاعتبار ذاتية الطفل و فرديته،ونوع الجماعة التي يعيش فيها ويطلع بكيفية عميقة على مراحل نضجه و نموه الحركي و الحسي والعقلي ،لتحسين العملية التعليمية،(سواء حضوريا او عن بعد)،والارتقاء  بها الى الأهداف المسطرة و المنشودة في و  من  المجتمع.

فمن  اهم سمات المدرس الناجح خبرة وجودة التواصل،  نعم ،التواصل الافقي مع تلاميذه ،وقدرته على التعامل مع  المتعلمين متعددي الثقافات و الاجناس والميولات كما انه   لا تتحقق المردودية الإيجابية ، الا اذا توفرت للمعلم /المدرس مجموعة من الخبرات والكفاءات فيما له علاقة بالمجال التربوي من علوم  انسانية واجتماعية ومهارة ذكائية وثقنية تكنولوجيا  الآن ،وكذا اطلاعه على التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الوطنية والدولية ، بل وعلى كل جديد ومستجد في العلم والمعرفة،وان يكون يكون ملما بتقنيات القيادة و مبادئها ،بمعنى ان يصبح المدرس كموسوعة شاملة تلبي جميع حاجات التلميذ بالإضافة إلى تفوقه واتقانه لمجال تخصصه وطرق التدريس المناسبة.إنه امر جد صعب اكيد ولكنه ليس بالمستحيل.

ومانيل المطالب بالتمني

                 ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

ومن الله التوفيق لنا ولكم و للجميع.