adsense

2019/07/11 - 2:11 م

 يضطر بعض العاطلين عن العمل لامتهان حرفة بائع متجول، ورغم ذلك يبقى أغلبهم غير راضين عن هذه المهنة، ولكن الظروف المادية تضطرهم لمزاولتها ، ويقومون بعرض بضائعهم في الطرقات غير مبالين بالأذى الذي يمكن أن يصيب المستهلك في صحته و التاجر في بضاعته ، أضف إلى ذلك ظاهرة احتلال الملك العمومي الجماعي من جانب العديد من أرباب المقاهي و المتاجر و الحرفيين.
وتشهد مدينة فاس انتشارا واسعا للباعة المتجولين في العديد من الأماكن العمومية و الاستراتيجية ، نظرا لمنسوب البطالة المرتفع، جراء الركود الاقتصادي، وفي ظل تصاعد وثيرة إغلاق الوحدات الصناعية والتجارية، وعدم فاعلية المجالس المنتخبة في إيجاد الحلول وجلب الاستثمارات.
ومن النقط السوداء التي كانت بمدينة فاس شارع لالا مريم بقلب المدينة، حيث لم يعد الرصيف مجالا للمارة، بل أضحى سوقا للتجار يسعون من خلاله لتجاوز الأزمات الاقتصادية وغلاء المعيشة، والرصيف لم يتحول إلى ساحة لنشاط الباعة الجائلين من البسطاء فقط؛ بل بات أيضا انعكاسا لسلوك طبقات اجتماعية مختلفة، بعد أن أصبحت الأسر الفقيرة تعوّل على الابن أو البنت لتأمين لقمتها وتدفع بهما إلى العمل في الشارع رغم المخاطر.
مشاهد يومية باتت تزعج المارة وأصحاب المحال التجارية، وتحاول السلطات السيطرة على الوضع فتقوم بإعمال المقاربة الأمنية عبر حملات مداهمة للباعة لطردهم، وبالرغم من كثافة هذه الحملات التي قد تكون مصحوبة بحجز السلع المعروضة للبيع وبعقوبات اخرى للباعة، إلا أن ظاهرة الباعة على الأرصفة تزداد انتشارا.
من هنا وجب التفكير في أن الحل لا يكمن في الحملات الأمنية ولا في حجز السلع، بل في ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية وتكريس الوحدة والتضامن بين صفوف جميع فئات التجار والحرفيين، لأن الظاهرة ليست وليدة ذاتها أو نتيجة اختيارات فردية وإنما أنجبتها مجموعة من المحدّدات الاجتماعية والاقتصادية والتي لم تستطع لحد الآن أن تسايرها القوانين والأنظمة الوطنية، فالتداخل للوازعَين الاقتصادي والاجتماعي في نشأة هذه الظاهرة يجعل منها ممارسة مشروعة تستدعي من السلطة التشريعية الانكباب العاجل لوضع إطار قانوني من شأنه أن يوجد الصيغة التي تجعل للظاهرة نقطة نهاية، ولنا في تجارب بعض الدول خير مثال.
 ونعود فنذكر أنه لم ولن تنجح المواجهة الأمنية والقرارات المتعجلة في علاج الظاهرة التي تختفي لأيام، ثم تعود أكثر انتشاراً وأكثر قوة. لذلك علينا أن نبحث عن حلول أخري لنتعرف علي كيف واجهت مختلف دول العالم هذه الظاهرة.