adsense

2021/03/30 - 9:58 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

المرأة المقصودة في العنوان أعلاه هي الطبيبةُ والروائية والمفكرة والحقوقيةُ المصريةُ النابهة ، التي رحلت إلى بارئها الرحيم بعد أن كرّمتها العديد من جامعات دول العالم بأعلى درجات الأستاذية الفخرية لقاء ما قدمت للإنسانية من علم وتنوير وارتقاء بقيمة الإنسان بوجه عام ، وقابلتها عشيرتها والأمة التي تنتمي إليها بردود أفعال عبثية طائشة تنم عن ذهنية متشفّية ناتجة عن  تفكير مهزوم النابع من عجز وفشل ، مترتب على غياب النظرة المستقبلية الاستشرافية المندمجة في الحاضر والمنفتحة على المستقبل ، لا يمكن أن تكون  تولد إلا في حقول الجهل والخرافة ، ولا تنمو إلا في حقول الجبن والتخلف ، ولا تنشط إلا في أعتاب السفاهة والضحالة وكل ما يبيح نهش لحم الآخر المختلف حيا كان أو ميتا باسم العقيدة أو الهوية ودفاعا عن الله ، حتى لو لم يكن سفّاحا ولا قاتلا ولا لصا ولا مُهربا ولا ينتمي لأي تيار ديني إرهبية متطرف طالباني ، أو اخواني، أو سلفي، أو بوكوحرامي، أو داعشي ، يزعم الكثير من شيوخه الدفاع عن الإسلام وهم كاذبون منافقون مزايدون كارهون للفكر والعقل والاختيار والتسامح والمحبة ، وغير ذلك من السلوكيات الحقيرة التي ليست مجرّد شطحات ولا تصورات متخيّلة، بقدر ما هي واقع مأسوي هدام أفرزته قوى ظلامية ، وغذته النفعية الجشعة التي نعايشها يوميًا ، ومن لا يصدّق ذلك ، فليستخبر"جوجل" عن سيرة غالبية الشامتين في الدكتورة نوال السعداوي ، ليعرف أن تسعة أعشار الذين قذفوها بالشتائم في حياتها ورفضوا الترحم عليها في مماتها -كما فعلوا قبل سنوات مع وفاة "مارادونا" النجم الدولي لكرة القدم ، وقبله مع رحيل العالم الكبير "ستيفن هوكينغ" - هم من الأميّين، والجهلة ، والمُخدَّرين ، والمتطرفين، والمتشدّدين، الذين لم يقرؤوا سطرا واحد مما  كتبته من أجل تعلــيم أمهاتهم وبناتهم وباقي نساء المسلمين ، بأنَّ المرأةَ ليستْ جارية ولا ضعيفة ولا ناقصة عقل ودين، وليستخلص أن شتائمَهم القبيحة، ولعناتهم النتنة، وشماتتهم العفنةً ، وغضبهم المفتعل ، لم يكن قط ضد الكُفــْــر بالله ورفضا للنــَـيـّـل من الأديان والسِباب في الرسل وتكذيب الأنبياء، كما يدعي الشامتون ، وإنما كان حنقهم وكرههم وحقدهم وغضبهم تعبيرا صريحا عن مقدار التوتر الذي يعتمل في نفوسهم حراس العقيدة بسبب عجزهم على اضعاف أنتى قوية وصريحة وجريئة تحدّت عنجهية ذكوريتهم ، وسفهت أحلامهم الجنسية وفندت عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم التسلطية الاستبدادية الطبقية المعادية لحرية الانسان عامة والمرأة خاصة ،الذي وقفت ضد جبروت شرائعه المتخلفة المتحجّرة المُتزمّته التي يُرفض فيها استعمال القياس العقلي ، ويُفضّل تناولها من الجانب الغيبي والأسطوري الذي يوجه التفكير فيه النقل لا العقل.

 وفي الختام لا يسعني إلا أن أتساءل مع المتسائلين :"ماذا ينتظر من أمة التكفير أقربُ إلى أهلها من التفكير ، واللعنُ أقربُ إلى قلوبهم من الرحمة ، والنقلُ الأعمى أقربُ إلى عقولهم من التعقُّل والتدبّر".