adsense

2015/01/18 - 1:34 م



 الناشط الحقوقي و النقابي، عبد الحميد أمين، يُشَرِح واقع حقوق الإنسان بالمغرب، و يرسم مُجمل الأحداث التي طبعت ميدان الحقوق و الحريات.
و تطرق عبد الحميد أمين إلى عدة قضايا شهدتها الساحة الحقوقية سنة 2014 ، ابتداء بـ"حملة" التضييق على الجمعيات الحقوقية بالمغرب، ومرورا بالعديد من "الإنتهاكات والتجاوزات"، وانتهاء بتنظيم المغرب للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، وما أعقب ذلك من ردود فعل.
كما تحث أمين، عن الأدوار المنوطة بالفاعلين الحقوقيين بالمغرب، آملا في أن تكون 2015 سنة "التصدي للعدوان على الحريات والحقوق وعلى المدافعين على حقوق الإنسان".

هذا نص المقال 

ونحن نستقبل سنة 2015، لا يفوتنا أن نسجل بأن السنة التي نودعها، 2014، عرفت تدهورا خطيرا لأوضاع حقوق الإنسان في سائر المجالات، السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، نتيجة العودة القوية للانتهاكات المرتبطة بالاستبداد والفساد والظلم والقهر والاستغلال الفاحش والهجوم على الحريات والحقوق والمكتسبات.
وبالمقابل نسجل كذلك استمرار وتصاعد النضالات لمواجهة الانتهاكات، نذكر منها نضالات الشغيلة وعلى رأسها الإضراب العام الوطني الوحدوي للنقابات يوم 29 أكتوبر الأخير، نضالات المعطلين حاملي الشهادات، النضالات الطلابية والاضرابات عن الطعام للمعتقلين السياسيين،النضالات الشعبية ضد الغلاء وتدهور الخدمات الاجتماعية العمومية وتقصير الدولة في مواجهة الفيضانات والكوارث، نضالات الفلاحين ضد الاستحواذ على أراضيهم، النضالات النسائية ضد العنف والتمييز ونضالات حركة 20 فبراير.
لكن أبرز ما ميز سنة 2014 في المجال الحقوقي، هو العدوان ضد المدافعين على حقوق الإنسان المتجسد في الهجوم غير المسبوق منذ 1983 و1984 على الحركة الحقوقية ببلادنا وفي مقدمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو الهجوم الذي تم تكثيفه وتوسيعه بعد تصريح 15 يوليوز الماضي لوزير الداخلية أمام البرلمان والذي نالت منه الجمعية الحظ الأوفر، إن على مستوى تصرفات المسؤولين أو على مستويات الإعلام والمنع التعسفي للأنشطة الحقوقية والحرمان من تسليم وصولات الإيداع القانونية عند تجديد مكاتب الفروع في خرق سافر للحق في التنظيم. وقد تم تتويج العدوان المخزني ضد الجمعية برسالة "الإعذار" التي وجهها يوم 17 دجنبر الأخير والي جهة الرباط سلا زمور زعير لرئيس الجمعية والتي يستند فيها على معطيات مغلوطة ومبررات لا أساس لها من الصحة لتهديد الجمعية بحرمانها من صفة المنفعة العامة، ربما كتمهيد لإجراءات تعسفية أكبر وأشد.
وما يثير الانتباه هو أن هجوم السلطة على الجمعية وعموم الحركة الحقوقية الأصيلة قد تم في عز التحضير للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان المنعقد بمراكش من 27 إلى 30 نونبر 2014، وبعده كذلك مما يبرز أن الدولة قد نظمت هذا المحفل ليس من أجل ترسيخ حقوق الإنسان وطنيا ودوليا ولكن من أجل تزيين الواجهة والتغطية على الانتهاكات المتواترة لحقوق الإنسان داخليا.
إن هجوم السلطة والقوى المخزنية على الجمعية، لا علاقة له بكل المبررات الواهية مثل التمويل الخارجي والموقف من النزاع في الصحراء واستعمال العمل الحقوقي لأغراض سياسية أو الشعارات المرددة أثناء التظاهرات.


إن "جريمة"الجمعية الكبرى هي أنها تدافع عن حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها في انسجام تام مع الإعلان العالمي والمواثق الدولية لحقوق الإنسان وأنها جعلت من الدفاع عن حقوق الإنسان معركة الجميع عندما تبنت مبدأ جماهيرية النضال الحقوقي مما أدى إلى تواجدها في كل مكان بالداخل والخارج ووسط سائر فئات المواطنين/ات ومما أدى كذلك إلى تبنيها وتفعيلها لشعار وحدة العمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وما نتج عنه من عمل مشترك بين الهيئات الحقوقية المغربية والمغاربية كذلك. وإننا بهذه المناسبة نحيي دور الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان ذلك المولود المبارك لحركة 20 فبراير المجيدة والذي أدى إلى لم شمل الحركة الحقوقية المغربية في وقت تسعى فيه القوى المخزنية إلى تشتيت وتمزيق سائر القوى الحية بالبلاد. كما نحيي تبنيه منذ سنة للميثاق الوطني لحقوق الإنسان في صيغته المحينة ونثمن بيانه الأخير ليوم 29 دجنبر 2014 الذي أبان عن نضج الحركة الحقوقية ببلادنا التي أصبحت تشكل ثروة حقيقية للمغرب.
اعتبارا لما سبق، فإن المطلوب في هذه الفترة:
* انسجام الدولة المغربية بكافة أجهزتها مع التزاماتها الدولية والوطنية في مجال حقوق الإنسان بدءا بوضع حد دون قيد أو شرط لهجومها على الحركة الحقوقية وفي مقدمتها الجمعية. فإذا كانت القوى المخزنية قد تُحرز مؤقتا من خلال هذا العدوان على بعض المكتسبات لضمان استمرارالاستبداد والفساد، فإن مواطنات/ني المغرب وقواه الديمقراطية والوطن المغربي ومستقبل البلاد هم أكبر الخاسرين في هذه المعركة ضد حقوق الإنسان.
* وقوف مجمل القوى الديمقراطية والحية بالبلاد ـ السياسية والنقابية والشبايبة والطلابية والنسائية والثقافية والجمعوية الأخرى وكذا حركة 20 فبراير - بقوة وحماس ودون تلكئ إلى جانب الجمعية ومجمل الحركة الحقوقية في معركة الوجود. فحذاري من الحسابات الضيقة !! وليستحضر الجميع مقولة "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".
* تقوية الحركة الحقوقية المغربية ـ باعتبارها مكسب ومفخرة للشعب المغربي ـ لوحدتها وأنشطتها ونضالاتها المشتركة من أجل مغرب الديمقراطية بما يضمنه من كرامة وحرية ومساواة وعدالة اجتماعية وحقوق الإنسان للجميع. وفي هذا الإطار، لا بد من تفعيل الميثاق الوطني لحقوق الإنسان كأرضية مشتركة لمجموع الحركة الحقوقية والديمقراطية ببلادنا.
* العمل على تعزيز تضامن القوى الديمقراطية بالخارج والرأي العام الدولي مع الحركة الحقوقية والديمقراطية بالمغرب.
* النهوض بعمل الجمعية ـقيادة وفروعا وأعضاء ـ حتى تتمكن من التصدي بنجاح للعدوان المخزني عليها وعلى مجموع الحركة الحقوقية. وأن تخرج أكثر تماسكا وقوة من هذه المعركة التي فرضت عليها.
لقد تصدت الجمعية لحد الآن بنجاح للحملة التي شنتها السلطات ضدها سواء من خلال مواقف ومبادرات قيادتها الوطنية أو من خلال فروعها. ولن ننسى تلك الوقفات التي نظمتهاالجمعية يوم 15 أكتوبر 2014 بسائر فروعها والوقفات المنظمة يوم 10 دجنبر بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان وتلك الوقفة الوطنية الرائعة بالرباط يوم 16 نونبر الأخير.
وإذا كانت الجمعية مطالبة بمواصلة الصمود والتصدي، فالمطلوب أكثر هو أن تواصل الجمعية بقيادتها وكافة فروعها نشاطها الحقوقي وفقا لبرامجها في مجال الحماية والنهوض. بل على جميع الفروع بدون استثناء أن تقوي أنشطتها وتطورها وتوسع انخراطاتها خاصة في صفوف الفئات المستهدفة ـ النساء والشباب والشغيلة والمثقفين الديمقراطيين ـ مع العلم أن أرضية" التنظيم والتكوين في خدمة جماهيرية النضال الحقوقي"، قد حددت كهدف الوصول إلى 15000 منخرط/ة في 2015.
إن الجمعية مطالبة كذلك بتأسيس فروع جديدة بالداخل والخارج وفقا لمخططها في هذا المجال.
إن تقوية الجمعية وتطوير عملها وارتباطها أكثر بالدفاع عن حقوق الإنسان هو أفضل جواب على الهجوم العدواني ضدها. وعلى كل عضو/ة قيادي/ ية وكل فرع أن يتحمل مسؤولياته في هذا المجال.
لتكن إذن سنة 2015سنة التصدي للعدوان على الحريات والحقوق وعلى الجمعية وسائر المدافعين عن حقوق الإنسان.
ومع كل هذا، سنة سعيدة لكل إنسان في المغرب وكل مكان مع الأمل في أن تكلل نضالات الحقوقيين/ات والديمقراطيين/ات والجماهير الشعبية بالمغرب وبكل مكان بالنجاح بما يوفر مقومات السعادة للجميع: احترام كافة حقوق الإنسان للجميع.