تحت عنوان :
"إنشاء قنصلية عامة لمملكة البحرين في مدينة العيون المغربية..شراكة أخوية تاريخية
وثيقة على أسس راسخة من الود واحترام السيادة والوحدة الوطنية والترابية"،كتبت
وكالة أنباء البحرين:
في خطوة تاريخية
تعكس عُمق العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة والمتميزة بين مملكة البحرين والمملكة
المغربية الشقيقة، والقائمة على أسس راسخة من الود والاحترام المتبادل واحترام الشرعية
الدولية، أصدر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه
الله ورعاه، مرسومًا بإنشاء قنصلية عامة لمملكة البحرين في مدينة العيون بالصحراء المغربية.
وتأتي هذه المبادرة
الدبلوماسية الحكيمة انطلاقًا من المواقف البحرينية الثابتة بشأن دعم الحقوق المشروعة
للمملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، في التوصل إلى
حل سياسي لقضية الصحراء المغربية على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وقرارات
مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، في إطار سيادة المملكة المغربية ووحدتها الوطنية والترابية،
ودعم مبادراتها التنموية الشاملة في جميع أقاليم البلاد في ظل مغرب موحد يضمن الحرية
والكرامة والعدالة لجميع أبنائه.
وتستذكر مملكة
البحرين في هذه المناسبة اليوم التاريخي الذي أثبت فيه الشعب المغربي بجميع مكوناته
ولاءه لجلالة الملك الحسن الثاني – طيب الله ثراه - وانتماءه إلى وطنه وتمسكه بوحدته
الوطنية والترابية بمشاركة 350 ألف مواطن طواعية من جميع مناطق المغرب، 10% منهم نساء،
وبتأييد من وفود خليجية وعربية، في المسيرة الخضراء التي عبرت الأراضي الصحراوية المغربية
يوم 6 نوفمبر 1975، ونجحت بشكل سلمي متحضر في وضع حد لعقود من الاحتلال الإسباني، بتوقيع
اتفاقية مدريد في 14 نوفمبر، وإقرارها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتدخل المغرب
إلى مدينة العيون سلميًا، وتنسحب الإدارة الإسبانية من المنطقة بتاريخ 26 فبراير
1976، في مشهد تاريخي أعاد للمملكة المغربية وحدتها الترابية وسيادتها على جميع أراضيها.
وبعد شهر على افتتاح
أول قنصلية عامة إماراتية وعربية في مدينة العيون، يأتي هذا القرار البحريني التاريخي
ليؤكد التزام المملكة، قائدًا وحكومة وشعبًا، بدعم الحقوق المشروعة للمملكة المغربية
على أقاليمها الصحراوية الجنوبية وفقًا لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية
سنة 2007، كنهج ثابت في السياسة الخارجية البحرينية منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية
بين المملكتين في 5 مارس 1973.
ولقد أكدت مملكة
البحرين على هذا الموقف المساند للشرعية المغربية في جميع المحافل الإقليمية والدولية،
ومن أهمها: كلمتها أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في
28/9/2019، وفي بيان المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة بنيويورك في
23/10/2020، إدراكًا لأهمية المبادرة المغربية في حل هذه القضية سلميًا بموجب قرارات
مجلس الأمن وبإشراف الأمين العام للأمم المتحدة، وما تمثله من فرصة تاريخية لبناء مجتمع
ديمقراطي حداثي، يتولى من خلاله سكان الصحراء تدبير شؤونهم وتوافر الموارد المالية
الضرورية للتنمية، والإسهام الفعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في
إطار سيادة المملكة المغربية ووحدتها الوطنية والترابية.
وعلى هذه الأسس
الراسخة من الود والاحترام المتبادل ورفض التدخل في شؤون الدول الأخرى أو المساس بوحدتها
وسيادتها وسلامة أراضيها والحرص على المصالح المشتركة، شهدت العلاقات البحرينية المغربية
تطورًا إيجابيًا على طريق الشراكة السياسية والاقتصادية الاستراتيجية، لاسيما منذ إنشاء
اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين في 29 يوليو 2000، وعقدها أربعة اجتماعات
آخرها بالرباط في فبراير 2018، وتبادل الزيارات بين البلدين على أعلى المستويات الرسمية
والبرلمانية والاقتصادية، آخرها زيارة العاهل المغربي إلى البحرين في 25 أبريل
2019، وزيارة جلالة الملك إلى الرباط في يناير 2020.
وتعول المملكتان
على تفعيل هذه الشراكة الأخوية في ظل توقيع 61 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون في مختلف
المجالات السياسية والقانونية والقضائية والبرلمانية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية
والثقافية والعلمية، وسط اهتمام مشترك بتعزيز التبادل التجاري البالغ 104 مليون دولار
عام 2019، وإقامة المشروعات المشتركة في ظل إسهامات استثمارية مغربية في 444 شركة تجارية
وخدماتية بالبحرين، واستثمارات بحرينية في قطاعات العقارات والسياحة والمصارف المغربية
بحسب تأكيد السفير المغربي لدى المنامة، واعتزازه بإقامة 4 آلاف مواطن مغربي في البحرين،
وإسهاماتهم في مسيرتها التنموية الشاملة، وترحيب بلاده بالاستثمار البحريني في مجالات
الزراعة والسياحة والطاقة المتجددة والبنية التحتية، في ظل ما تشهده المملكة المغربية
من طفرة تنموية وتجارية، لاسيما مع تسيير خط
جوي مباشر لشركة طيران الخليج بين المنامة والدار البيضاء، وتدشين ميناء "طنجة
المتوسط" الأكبر في منطقة البحر المتوسط وأفريقيا، وتطوير شبكة الطرق والسكك الحديدية.
وترتبط مملكة البحرين
في سياق منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشراكة استراتيجية مع المملكة المغربية
منذ عام 2012، تم تعزيزها في القمة الخليجية المغربية في الرياض برئاسة خادم الحرمين
الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتاريخ 20 أبريل 2016، وتأكيدها أن
"قضية الصحراء المغربية هي أيضا قضية دول مجلس التعاون"، في ظل دعم قادة
دول المجلس لمغربية الصحراء، ومساندتهم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب،
كأساس لأي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، ورفضهم لأي مس بالمصالح العليا للمغرب،
إيمانًا بوحدة الهدف والمصير، وتمسُّكًا بقيم التضامن الفاعل والأخوة الصادقة، والتزامًا
بالدفاع المشترك عن أمن البلدان واستقرارها، واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وثوابتها
الوطنية، ورفض أي محاولة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ونشر نزعة الانفصال والتفرقة
لإعادة رسم خريطة الدول أو تقسيمها، بما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
هذا، وتعتز مملكة
البحرين والشعوب الخليجية والعربية كافة بالمواقف المغربية التاريخية المشرفة والداعمة
لأمنها واستقرارها، ودورها المحوري في تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ومشاركتها
في حرب تحرير الكويت، وعاصفة الحزم، والتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، ورفضها
المطلق للتدخلات الإيرانية في شؤون البحرين والدول العربية الشقيقة، وحرصها على أمن
الملاحة البحرية والمنشآت الاستراتيجية والحيوية في منطقة الخليج العربي، بما في ذلك
قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران ومطالبتها بموقف عربي جماعي للتصدي لتدخلاتها المسيئة
ومحاولاتها الرامية إلى نشر العنف والفوضى وتهديد الأمن العربي القومي، هذا إلى جانب
حضورها الدولي الفاعل برئاستها للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ودعمها لجهود السلام
العادل والشامل في المنطقة.
إن مملكة البحرين
بقيادة جلالة الملك المفدى، وكما أكد جلالته في اتصاله الهاتفي بالعاهل المغربي في
26 نوفمبر 2020، حريصة دائمًا على تعزيز العلاقات الأخوية الوثيقة والمتميزة التي تجمع
البلدين والشعبين الشقيقين، مؤكدة دعمها وتضامنها مع المملكة المغربية في الدفاع عن
سيادتها وحقوقها وسلامة وأمن أراضيها ومواطنيها في الصحراء المغربية، إيمانًا بعدالة
هذه الحقوق ومشروعيتها، وثقتها في جهودها الهادفة لإيجاد حل سياسي دائم وفقًا لمبادرة
الحكم الذاتي بإشراف الأمم المتحدة وتطبيقًا لقرارات مجلس الأمن، في إطار الاحترام
التام لسيادة المملكة المغربية ووحدتها الوطنية والترابية.