adsense

2020/08/31 - 12:03 ص


 بقلم عبدالحي الرايس

البر والإحسان من أسمى مشاعر وممارسات الإنسان، وفي الأثر:"من حَسُنتْ أخلاقُه دَرَّتْ أرزاقُه"

يلتقي الناسُ على درب الحياة، ويتفاوتون في الأرزاق، فهذا مُوسِرٌ وهذا مُعْسٍر، وكم من مُحتاج لا يجرؤ على مد يده بالسؤال، ويبقى على القلوب الندية أن تهبَّ للنجدة والإسعاد.

وهُم في ذلك مَراتبُ ومٌستويات.

منهم من يباشره تمظهراً وتباهياً، ومنهم من يُقْدِمُ عليه تواجُداً وتماهياً، يُخفيهِ ويتكتمُ عليه التماساً للأجْر والثواب.

وقد شاع بين الناس إعْدادُ وتقديمُ قِفَفِ رمضان، ونسجُوا على نفس المنوال في العديد من المناسبات ، سِيَّما في زمن الخصاص وسُوءِ الحال، وهي مَحْمَدَةٌ لا محالة في زمن الفاقةِ، واشتدادِ الحَاجَة.

ولكنَّ المُستنيرين التمسُوا صيغةً أخرى، ومرتبة فُضْلَى حين دأبوا على رَصْدِ أحوال الناس، وإقدارهم على الكسب الذاتي مما يُغنيهم عن السؤال.

ينطبق هذا على أكثر من مجال، حين يكونُ بِمُكْنة المرء أن يصنع شيئاً ولا يتوفرُ على وسائل الإنتاج.

ويَصْدُقُ أكثرَ ما يَصْدُقُ على أصحاب الأرض يتوفرُون عليها ولا سبيل لهم إلى حرثها والاستفادة من خيراتها.

ذاك ما أقْدَمَ عليه فريقٌ هُمْ بالأرض يَهيمُون، وبالإصلاح مُولعُون، ولِلْبِرِّ هاوُون، رَصَدُوا حالَ أسرةٍ كثيرةِ الْعَدَد، يتوفرون على أرضٍ لكنْ بِلاَ عُدَد، فَأعدُّوا لهم عُدَّةً، وبَيَّتُوا لهم أمْراً، وفاجأوهم بأدواتٍ وسَماد، وبُذورٍ وأغراس، فتحرَّكتِ الهِمَم، ونَشطَ الجميعُ للعمل، وتبدَّلَ الحالُ غيرَ الحال، فإذا بالمُعْسِر صارَ مُوسِراً، وإذا بالبائسِ اليائسِ صار مُقْبِلاً على العمل، مُنتِجاً بلا كسَل، يَقْطِفُ الغلال، ويَمْلأُ السِّلال، يُمجِّدُ البِرَّ، ويدعو للخير، ويُغنِّي للحياة.

أعمالُ الْبِرِّ شتَّى ، أدناها التصدُّقُ بالقليل، ومُعْتادُها  الدَّعْمُ باليَسِير، وأسماها الإقدارُ على الإنتاج، والاستغناءُ عن الاحتياج، فهل من مُبادراتٍ تتعدَّد، تُقْبِلُ على الخيرِ ولا تتردَّد.

 تُقْدِرُ الْمَرْءَ على الصًّيْدٍ، ولا تُهْدِي الأسْماك؟ !