adsense

2019/07/21 - 11:43 ص


بقلم الأستاذ  عبد الغني فرحتي  
بعد قلق الانتظار الذي هيمن على التلاميذ المترشحين لاجتياز امتحانات البكالوريا وعلى أوليائهم، كشفت وزارة التربية الوطنية عن النتائج برسم الموسم الدراسي 2018/2019، والتي كانت فيها نسب النجاح والحصول على الميزات قياسية. فقد قاربت نسبة النجاح في الدورتين، العادية والاستدراكية سقف الثمانين بالمائة. كما تجاوزت نسبة الحاصلين على ميزة خمسين بالمائة.
 غير أن لذة الشعور بالفرح سرعان ما توارت عندما بدأ تداول الأخبار عن العتبات التي تضعها المؤسسات والمدارس العليا المحدودة الاستقطاب، عتبات لوحظ أنها جد مرتفعة. إزاء هذا الوضع، عديدة هي الأسر التي تحول عندها النجاح إلى كابوس مزعج أجهض الشعور بالفرحة الذي سرى في النفوس، حين عرفوا أن ابنها أو ابنتها نجحت وبميزة حسن أو حتى حسن جدا. كابوس مزعج نتيجة الإحباط الذي أصابهم، حين وجدت فلذات كبدها بعد أن صرف من الجهود والأموال للدعم والتقوية الكثير، خارج مؤسسات كانوا يحلمون بالالتحاق بها.
 لا يمكن للغربال أن يغطي نور أشعة الشمس، ولا يمكن لهذه النتائج الخادعة أن تخفي حقيقة اختلالات منظومتنا التعليمية. هل يمكن اعتبار بلوغ نسبة 78 بالمائة في عدد الناجحين مؤشرا حقيقيا يعكس المستوى الحقيقي لتلامذتنا؟ ألا يلاحظ بالملموس، وفي ضوء العديد من الدراسات والأبحاث، التراجع المتزايد في الحصيلة المعرفية والقيمية لدى تلامذتنا؟
 أحد الظرفاء علق على هذه النتائج داعيا إلى التمييز بين البكالوريا الحقيقية ( Bac vrai) والبكالوريا نتاع الشينوا (Bac chinois)،و بناء على النظرة الشائعة للسلع الصينية باعتبارها يهيمن عليها التقليد والغش وتواضع جودتها، فإنه وبحكم أن الظروف التي تمر فيها الامتحانات، رغم الجهود الكبرى المبذولة مركزيا ومحليا، تعرف الكثير من النقائص وتوظيف أساليب تقنية متطورة للغش، فإن كل ذلك، من شأنه أن يضع مستوى العديد من الحاصلين على هذه الشهادة موضع نقاش.
لا يمكن إطلاقا، من ناحية أخرى، تبخيس المستوى الجيد للعديد من تلامذتنا والذين انتزعوا النجاح وما حصلوا عليه من ميزات عن جدارة واستحقاق. فهؤلاء، نحن مطمئنون أن شهادتهم حقيقية وليس شهادة.....
 لكن نسبة كبيرة منهم، ونظرا لكونهم لم يعتمدوا سوى على جهودهم وعلى توظيف الأساليب النظيفة والنزيهة في أدائهم للامتحانات، ورغم نجاحهم بميزة حسن أو حتى حسن جدا، وجدوا معدلاتهم أقل من العتبة التي وضعتها بعض المؤسسات التي كانوا يطمحون إلى ولوجها. فتحول الشعور بالارتياح إلى حزن وقلق.
 هناك إجماع على فشل منظومتنا التعليمية، ومظاهر هذا الفشل متعددة جدا، لعل من بين تجلياتها نجد عنصرا أساسيا يتعلق بالتوجيه. فلو كان يتاح لتلامذتنا، وفي الوقت المناسب، الخضوع لاختبارات للميول والروائز والقدرات، والتي تكشف عن الإمكانيات الحقيقية لكل تلميذ، لكان بالإمكان توجيهه نحو المسالك التي تناسب ما لديه ولا ما وجد المترشحون وأولياؤهم أنفسهم يعيشون هذا الكابوس المزعج ولما استحالت سعادتهم بنجاح فلذات كبدهم إلى فرحة مغتالة.