adsense

2022/12/13 - 10:27 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

لا شك في أن حضور مونديال قطر لهذا العام لمغري جدا ، سواء لمحبي ومشجعي كرة القدم أو غير المهتمين ، وأن مشاهدة مباريات بطولة الكأس من على المدرجات لأشد إغراءا ، بما تشعر به المتفرجين من الحماسة وما تخلقه لديهم من الشعور بالهوية والارتباط ، وهم يتابعون عن كتب منتخب بلادهم وهو يتقدم في التصفيات ؛ المتعة التي لا توازيها متعة مشاهدة المباريات على شاشات التلفزيون، سواء من البيت أو المقهى ،والتي يعوض بها غالبية محبي الكرة عن  الفرح الجماعي الذي يشعر به الإنسان أثناء مشاهدة أي مباراة عادية – فما بالك حين تكون مباراة في كأس العالم- برفقة أشخاص غرباء يشعر معهم كما لو كان جزءاً منهم ، وأن تقافزه وتفاعله مع كل فرصة أو هجوم خلال المباراة هو تشجيع منه يساعد في انتصار الفريق الذي يناصره ، ومساهمة في فوزه ، الشعور الذي يجعله يحسن أثناء مشاهدته للفعاليات الرياضية ، بأنه على قيد الحياة ، ويمنحه الشعور بالانتماء والارتباط بشيء أكبر من اللعبة نفسها، كباقي محبي الرياضات وبالأخص كرة القدم الذين هم كائنات اجتماعية بطبعهم ، وأن العلاقات الاجتماعية بالنسبة لغالبيتهم فرصة رائعة للتواصل المحسن للصحة النفسية، والمخفف للتوتر ، والمسلي الذهن عن متاعب الحياة اليومية ، ولو مؤقتا.

وتعويضا عن كل مزايا الفرجة ،المذكورة أعلاه وغيرها كثير ، المرتبطة بمشاهدة المباريات الرياضية من على مدرجات الملاعب عامة ومبرايات كأس العالم على وجه الخصوص ، والتي لم يمنعني من الوصول إليها ، إلا مشاق السفر لآلاف الأميال ، وجعلني اكتفي ،كما غيري كثير جدا، بالانغماس في مجريات مبارياتها المتفردة والساخنة - وربما الأكثر تفرداً وسخونة-التي تقام في قطر ، جالسا في البيت أحدق في الشاشة أمامي ، الحال الذي أشعرني بالملل ، ودفع بي ، بتحفيز من زوجتي ، لتجريب الفرجة في المقهى ، المكان العام ، والأرضية الاجتماعية المشتركة ،والتي لا توازي مشاهدة مباريات كأس العالم من على المدرجان ، - وإن كانت أكثر إثارة من الفرجة بالبيت مع أفراد العائلة وما يستلزم ذلك من الإلتزامات التي يفرضها حضور  الأبناء والأحفاد والآباء - بما يصنعه روادها من أجواء رائعة بتفاعلهم عن بعد مع كل حركة يقدم عليها اللاعبون داخل الملعب، والذي يعبرون عنه بأصوات صراخاتهم المختلفة حسب الموقف ، التي تكون صاخبة عندما يسدد لاعب كرة قوية تصطدم بالعارضة ، وتكون زائرة عندما يتمكن لاعب من قطع الكرة بطريقة جيدة، أو عندما يسدد لاعب كرة بعيدة عن المرمى ، وهامسة ناحبة عندما يُسجل هدف في مرمى الفريق الذي يشجعونه ، ما يجعل متعة الفرجة لا تكمن في جودة المباراة ، أو مستوى لاعبيها فحسب-رغم أهميتهما- ولكن في ما يصنعه الجمهور المحيط بك ، لأن الجمهور هو كيان بشري يعطي المباريات مذاقا مختلفا ويخلق أجواء رائعة في المدرجات ، كما في المقهى على حد سواء ،أو تقريبا..