adsense

2021/04/12 - 11:49 ص


بقلم عبد الحي الرايس

شعارٌ يرفعه البيئيون أنهم ـ بعد غُرَّةِ عيد الفطر ـ له مُفعِّلون، وفي آحَادٍ مُتتالية له يتعبأون، ويُعبئون

فالوادي مَرْجعية فاس، وَسِرُّ تَمَوْقُعِها، وعليه أُقيمَتْ عُدْوَةُ الأندلس، ثم عُدْوَةُ القرويِّين، في نشأتها وماضيها.

والنهرُ ينطلق من منابعه عذباً نميراً زاخراً باللآلئ، ولكنه من أسفٍ ينتهي عند مَصَابِّه بنقيض الجواهر.

وأنتَ تتابعُ مَسارَهُ ومَجْراه، من منابعهِ برأس الماء وعين سند وعين السمن وغيرها عَبْر الضويات، وعين الطيور والدكارات، وشارع السعديين، والقصر المنيف، وباب بوجات، ثم بحيرة جنان السبيل حيث تنفُقُ الأسْماك إعلاناً عن بلوغ التلوث ذروته ومُنتهاه، لا تملك إلا أن ترثيَ لما آل إليه حال نهر طالما تغنى به الشعراء، وتوافد على مرابعه ـ من أهل فاس ـ البسطاء والوجهاء.

ولم يَعُدْ سِرّاً أن ثمة بقايا بناء يُلْقَى بها على ضفتيْه، وأن هناك مُهملاتٍ يُتَخَلَّصُ منها في النهر، وثالثة الأثافي مياه عادمة تنساب إليه، وتتدفق عليه في لامبالاةٍ وإهمال، تنضاف إلى ذلك حشائشُ تتسيَّدُها وتطغى عليها نبتة (بيستيا) الطفيلية المتغولة، الْمُهدِّدةُ بمزيد من الانتشار والاكتساح.

ومكافحةُ كل ذلك ليستْ بالأمر المُحال، وإن كان لم يَعُدْ سِرّاً أنه كلما ترددتْ صيْحةٌ وكان استِنْجاد، الْتأَمَ الجمعُ وكان التداولُ والتواصي، ليصيرَ الأمْرُ بالبال.

ألا قد نَفِدَ الصَّبْرُ وبلغ التلوُّثُ مَدَاه، فلْينْخرط الجميعُ في إماطةِ الأذى الذي لَحِقَ النهْرَ وأساء إلى مَجْراه.

وَلْتُحرٍّكْ المؤسساتُ التي تمتلك الجرافات آلياتِها لتكسَحَ البقايا المتراكمة على جنبات الوادي، ولْتُفعَّلْ معها مبادراتُ الزجر ودورياتُ المراقبة.

ولْتُباشِر المصالحُ المعنيةُ بالمياهِ العادمةِ تَتبُّعَ مصادرها وتجفيفها من مآتِيها.

ولْتُفعَّلْ همة الشباب لتنقية الوادي، ومكافحة الاكتساح العشوائي.

ولْتحضُر المصالحُ المعنية بالتشجير لِتُعيدَ إلى جنبات النهر اخضراره وظلاله، وإلى ضفافه متنزهاته ومرابعه.

ولْيَعُدْ للنهر ألقُه وصفاءُ مجراه، وأُنْسُه وبهاه، ولتستقبل ضِفتاهُ عرائسَ الْمُرُوج، المُتَوَّجة بأكاليل الزهور، ولْتصْدحْ على جنبات الوادي أغاني الأنس والحبور، وَلْتتَهَادَ على مساره قواربُ النصر تَحْكِي أمْجاد العصور.